منتديات gta العربي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اهلا بكم في منتديات gta العربي

ارجو التسجيل مع تحيات رأيس المنتدى Mr.loai
منتديات gta العربي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اهلا بكم في منتديات gta العربي

ارجو التسجيل مع تحيات رأيس المنتدى Mr.loai
منتديات gta العربي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
ادارة المـــــــنــــــتــــــــد ى تـــــرحــــــــب بـــــالاعـــــضــــــــاء الـــــجـــــدد
الرجـــــــــــاء الالــــــــــتـــــــــزامــــ بالـــــقـــــــوانـــــــيـــــــن
تــــم اضـــــافـــــة اقـــــــــســـــــــــامـــــ جـــــــديـــــــده

 

  كتاب لقصص كليله ودمنه به قصص كثيره

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Undertaker
مشرف عام
مشرف عام
Undertaker


المزاج :  كتاب لقصص كليله ودمنه به قصص كثيره	 0e3f464c63f005
عدد المساهمات : 44
نقاط : 1000092
تاريخ التسجيل : 29/05/2011
الموقع : الرياض في الشرق
المزاج : رايق

 كتاب لقصص كليله ودمنه به قصص كثيره	 Empty
مُساهمةموضوع: كتاب لقصص كليله ودمنه به قصص كثيره     كتاب لقصص كليله ودمنه به قصص كثيره	 Emptyالأربعاء يونيو 01, 2011 6:36 pm

lol! lol! lol!


ﻗﺪﻣﻬﺎ ﻨﻮﺩ ﺑﻦ ﺳﺤﻮﺍﻥ ﻭﻳﻌﺮﻑ ﺑﻌﻠﻲ ﺑﻦ ﺍﻟﺸﺎﻩ ﺍﻟﻔﺎﺭﺳﻲ. ﺫﻛﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺴﺒﺐ ﺍﻟﺬﻱ ﻣﻦ ﺃﺟﻠﻪ ﻋﻤﻞ ﺑﻴﺪﺑﺎ
ﺍﻟﻔﻴﻠﺴﻮﻑ ﺍﳍﻨﺪﻱ ﺭﺃﺱ ﺍﻟﱪﺍﳘﺔ ﻟﺪﺑﺸﻠﻴﻢ ﻣﻠﻚ ﺍﳍﻨﺪ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﲰﺎﻩ ﻛﻠﻴﻠﺔ ﻭﺩﻣﻨﺔ؛ ﻭﺟﻌﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﻟﺴﻦ
ﺍﻟﺒﻬﺎﺋﻢ ﻭﺍﻟﻄﲑ ﺻﻴﺎﻧﺔﹰ ﻟﻐﺮﺿﻪ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻮﺍﻡ، ﻭﺿﻨﺎ ﲟﺎ ﺿﻤﻨﻪ ﻋﻦ ﺍﻟﻄﻐﺎﻡ؛ ﻭﺗﱰﻳﻬﺎﹰ ﻟﻠﺤﻜﻤﺔ ﻭﻓﻨﻮﺎ، ﻭﳏﺎﺳﻨﻬﺎ
ﻭﻋﻴﻮﺎ؛ ﺇﺫ ﻫﻲ ﻟﻠﻔﻴﻠﺴﻮﻑ ﻣﻨﺪﻭﺣﺔ، ﻭﳋﺎﻃﺮﻩ ﻣﻔﺘﻮﺣﺔ؛ ﻭﶈﺒﻴﻬﺎ ﺗﺜﻘﻲ، ﻭﻟﻄﺎﻟﺒﻴﻬﺎ ﺗﺸﺮﻳﻒ. ﻭﺫﻛﺮ ﺍﻟﺴﺒﺐ
ﺍﻟﺬﻱ ﻣﻦ ﺃﺟﻠﻪ ﺃﻧﻔﺬ ﻛﺴﺮﻯ ﺃﻧﻮﺷﺮﻭﺍﻥ ﺑﻦ ﻗﺒﺎﺫ ﺑﻦ ﻓﲑﻭﺯ ﻣﻠﻚ ﺍﻟﻔﺮﺹ ﺑﺮﻭﺯﻳﻪ ﺭﺃﺱ ﺍﻷﻃﺒﺎﺀ ﺇﱃ ﺑﻼﺩ ﺍﳍﻨﺪ
ﻛﺘﺎﺏ ﻛﻠﻴﻠﺔ ﻭﺩﻣﻨﺔ؛ ﻭﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺗﻠﻄﻒ ﺑﺮﻭﺯﻳﻪ ﻋﻨﺪ ﺩﺧﻮﻟﻪ ﺇﱃ ﺍﳍﻨﺪ؛ ﺣﱴ ﺣﻀﺮ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﺬﻱ
ﺍﺳﺘﻨﺴﺨﻪ ﻟﻪ ﺳﺮﺍﹰ ﻣﻦ ﺧﺰﺍﻧﺔ ﺍﳌﻠﻚ ﻟﻴﻼﹰ، ﻣﻊ ﻣﺎ ﻭﺟﺪ ﻣﻦ ﻛﺘﺐ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﳍﻨﺪ. ﻭﻗﺪ ﺫﻛﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺑﻌﺜﻪ
ﺑﺮﻭﺯﻳﻪ ﺇﱃ ﳑﻠﻜﺔ ﺍﳍﻨﺪ ﻷﺟﻞ ﻧﻘﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ؛ ﻭﺫﻛﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﻠﺰﻡ ﻣﻄﺎﻟﻌﻪ ﻣﻦ ﺇﺗﻘﺎﻥ ﻗﺮﺍﺀﺗﻪ ﻭﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﺪﺭﺍﺳﺘﻪ
ﻭﺍﻟﻨﻈﺮ ﺇﱃ ﺑﺎﻃﻦ ﻛﻼﻣﻪ؛ ﻭﺃﻧﻪ ﺇﻥ ﱂ ﻳﻜﻦ ﻛﺬﻟﻚ ﻟﻚ ﳛﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ﻣﻨﻪ. ﻭﺫﻛﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﺣﻀﻮﺭ ﺑﺮﻭﺯﻳﻪ
ﻗﺮﺍﺀﺓ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺟﻬﺮﺍﹰ. ﻭﻗﺪ ﺫﻛﺮ ﺍﻟﺴﺒﺐ ﺍﻟﺬﻱ ﻣﻦ ﺍﺟﻠﻪ ﻭﺿﻊ ﺑﺰﺭﲨﻬﺮ ﺑﺎﺑﺎﹰ ﻣﻔﺮﺩﺍﹰ ﻳﺴﻤﻰ ﺑﺎﺏ ﺑﺮﻭﺯﻳﻪ
ﺍﻟﺘﻄﺒﺐ، ﻭﺫﻛﺮ ﻓﻴﻪ ﺷﺄﻥ ﺑﺮﻭﺯﻳﻪ ﻣﻦ ﺃﻭﻝ ﺃﻣﺮﻩ ﻭﺁﻥ ﻣﻮﻟﺪﻩ ﺇﱃ ﺃﻥ ﺑﻠﻎ ﺍﻟﺘﺄﺩﻳﺐ، ﻭﺃﺣﺐ ﺍﳊﻜﻤﺔ ﻭﺍﻋﺘﱪ ﰲ
ﺃﻗﺴﺎﻣﻬﺎ. ﻭﺟﻌﻠﻪ ﻗﺒﻞ ﺑﺎﺏ ﺍﻷﺳﺪ ﻭﺍﻟﺜﻮﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺃﻭﻝ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ.
ﻗﺎﻝ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺍﻟﺸﺎﻩ ﺍﻟﻔﺎﺭﺳﻲ: ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺴﺒﺐ ﺍﻟﺬﻱ ﻣﻦ ﺃﺟﻠﻪ ﻭﺿﻊ ﺑﻴﺪﺑﺎ ﺍﻟﻔﻴﻠﺴﻮﻑ ﻟﺪﺑﺸﻠﻴﻢ ﻣﻠﻚ ﺍﳍﻨﺪ ﻛﺘﺎﺏ
ﻛﻠﻴﻠﺔ ﻭﺩﻣﻨﺔ، ﺃﻥ ﺍﻹﺳﻜﻨﺪﺭ ﺫﺍ ﺍﻟﻘﺮﻧﲔ ﺍﻟﺮﻭﻣﻲ ﳌﺎ ﻓﺮﻍ ﻣﻦ ﺃﻣﺮ ﺍﳌﻠﻮﻙ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﺑﻨﺎﺣﻴﺔ ﺍﳌﻐﺮﺏ، ﺳﺎﺭ ﻳﺮﻳﺪ
ﻣﻠﻮﻙ ﺍﻟﺸﺮﻕ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺮﺱ ﻭﻏﲑﻫﻢ؛ ﻓﻠﻢ ﻳﺰﻝ ﳛﺎﺭﺏ ﻣﻦ ﻧﺎﺯﻋﻪ ﻭﻳﻮﺍﻗﻊ ﻣﻦ ﻭﺍﻗﻌﻪ، ﻭﻳﺴﺎﱂ ﻣﻦ ﻭﺍﺩﻋﻪ ﻣﻦ
ﻣﻠﻮﻙ ﺍﻟﻔﺮﺱ، ﻭﻫﻢ ﺍﻟﻄﺒﻘﺔ ﺍﻷﻭﱃ، ﺣﱴ ﻇﻬﺮ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻭﻗﻬﺮ ﻣﻦ ﻧﺎﻭﺃﻩ ﻭﺗﻐﻠﺐ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﺣﺎﺭﺑﻪ؛ ﻓﺘﻔﺮﻗﻮﺍ ﻃﺮﺍﺋﻖ
ﻭﲤﺰﻗﻮﺍ ﺣﺰﺍﺋﻖ ، ﻓﺘﻮﺟﻪ ﺑﺎﳉﻨﻮﺩ ﳓﻮ ﺑﻼﺩ ﺍﻟﺼﲔ؛ ﻓﺒﺪﺃ ﰲ ﻃﺮﻳﻘﻪ ﲟﻠﻚ ﺍﳍﻨﺪ ﻟﻴﺪﻋﻮﻩ ﺇﱃ ﻃﺎﻋﺘﻪ ﻭﺍﻟﺪﺧﻮﻝ ﰲ
ﻣﻠﺘﻪ ﻭﻭﻻﻳﺘﻪ. ﻭﻛﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﳍﻨﺪ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﻣﻠﻚ ﺫﻭ ﺳﻄﻮﺓ ﻭﺑﺄﺱ ﻭﻗﻮﺓ ﻭﻣﺮﺍﺱ، ﻳﻘﺎﻝ ﻟﻪ ﻓﻮﺭ. ﻓﻠﻤﺎ ﺑﻠﻐﻪ
ﺇﻗﺒﺎﻝ ﺫﻱ ﺍﻟﻘﺮﻧﲔ ﳓﻮﻩ ﺗﺄﻫﺐ ﶈﺎﺭﺑﺘﻪ، ﻭﺍﺳﺘﻌﺪ ﺎﺫﺑﺘﻪ؛ ﻭﺷﻢ ﺇﻟﻴﻪ ﺃﻃﺮﺍﻓﻪ، ﻭﺟﺪ ﰲ ﺍﻟﺘﺄﻟﺐ ﻋﻠﻴﻪ؛ ﻭﲨﻊ ﻟﻪ
ﺍﻟﻌﺪﺓ ﰲ ﺃﺳﺮﻉ ﻣﺪﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻴﻠﺔ ﺍﳌﻌﺪﺓ ﻟﻠﺤﺮﻭﺏ، ﻭﺍﻟﺴﺒﺎﻉ ﺍﳌﻀﺮﺍﺓ ﺑﺎﻟﻮﺛﻮﺏ؛ ﻣﻊ ﺍﳋﻴﻮﻝ ﺍﳌﺴﺮﺟﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﻮﻑ
ﺍﻟﻘﻮﺍﻃﻊ، ﻭﺍﳊﺮﺍﺏ ﺍﻟﻠﻮﺍﻣﻊ. ﻓﻠﻤﺎ ﻗﺮﺏ ﺫﻭ ﺍﻟﻘﺮﻧﲔ ﻣﻦ ﻓﻮﺭ ﺍﳍﻨﺪﻱ ﻭﺑﻠﻐﻪ ﻣﺎ ﺃﻋﺪ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺍﳋﻴﻞ ﺍﻟﱵ ﻛﺄﺎ
ﻗﻄﻊ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﳑﺎ ﱂ ﻳﻠﻘﻪ ﲟﺜﻠﻪ ﺃﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﳌﻠﻮﻙ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﰲ ﺍﻷﻗﺎﻟﻴﻢ، ﲣﻮﻑ ﺫﻭ ﺍﻟﻘﺮﻧﲔ ﻣﻦ ﺗﻘﺼﲑ ﻳﻘﻊ ﺑﻪ ﺇﻥ
ﻋﺠﻞ ﺍﳌﺒﺎﺭﺯﺓ. ﻭﻛﺎﻥ ﺫﻭ ﺍﻟﻘﺮﻧﲔ ﺭﺟﻼﹰ ﺫﺍ ﺣﻴﻞ ﻭﻣﻜﺎﻳﺪ، ﻣﻊ ﺣﺴﻦ ﺗﺪﺑﲑ ﻭﲡﺮﺑﺔ، ﻓﺮﺃﻯ ﺇﻋﻤﺎﻝ ﺍﳊﻴﻠﺔ
ﻭﺍﻟﺘﻤﻬﻞ، ﻭﺍﺣﺘﻔﺮ ﺧﻨﺪﻗﺎﹰ ﻋﻠﻰ ﻋﺴﻜﺮﻩ؛ ﻭﺃﻗﺎﻡ ﲟﻜﺎﻧﻪ ﻻﺳﺘﻨﺒﺎﻁ ﺍﳊﻴﻠﺔ ﻭﺍﻟﺘﺪﺑﲑ ﻷﻣﺮﻩ؛ ﻭﻛﻴﻒ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻪ ﺃﻱ 3 ﻛﻠﻴﻠﺔ ﻭﺩﻣﻨﺔ-ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻤﻘﻔﻊ
ﻳﻘﺪﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻳﻘﺎﻉ ﺑﻪ، ﻓﺎﺳﺘﺪﻋﻰ ﺑﺎﳌﻨﺠﻤﲔ، ﻭﺃﻣﺮﻫﻢ ﺑﺎﻻﺧﺘﻴﺎﺭ ﻟﻴﻮﻡ ﻣﻮﺍﻓﻖ ﺗﻜﻮﻥ ﻟﻪ ﻓﻴﻪ ﺳﻌﺎﺩﺓ ﶈﺎﺭﺑﺔ ﻣﻠﻚ
ﺍﳍﻨﺪ ﻭﺍﻟﻨﺼﺮﺓ ﻋﻠﻴﻪ. ﻓﺎﺷﺘﻐﻠﻮﺍ ﺑﺬﻟﻚ. ﻭﻛﺎﻥ ﺫﻭ ﺍﻟﻘﺮﻧﲔ ﻻ ﳝﺮ ﲟﺪﻳﻨﺔ ﺇﻻ ﺃﺧﺬ ﺍﻟﺼﻨﺎﻉ ﺍﳌﺸﻬﻮﺭﻳﻦ ﻣﻦ
ﺻﻨﺎﻋﻬﺎ ﺑﺎﳊﺬﻕ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺻﻨﻒ. ﻓﺄﻧﺘﺠﺖ ﻟﻪ ﳘﺘﻪ ﻭﺩﻟﺘﻪ ﻓﻄﻨﺘﻪ ﺃﻥ ﻳﺘﻘﺪﻡ ﺇﱃ ﺍﻟﺼﻨﺎﻉ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻣﻌﻪ ﰲ ﺃﻥ
ﻳﺼﻨﻌﻮﺍ ﺧﻴﻼﹰ ﻣﻦ ﳓﺎﺱ ﳎﻮﻓﺔ، ﻋﻠﻴﻬﺎ ﲤﺎﺛﻴﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ، ﻋﻠﻰ ﺑﻜﺮٍ ﲡﺮﻱ، ﺇﺫﺍ ﺩﻓﻌﺖ ﻣﺮﺕ ﺳﺮﺍﻋﺎﹰ. ﻭﺃﻣﺮ ﺇﺫﺍ
ﻓﺮﻏﻮﺍ ﻣﻨﻬﺎ ﺃﻥ ﲢﺸﻰ ﺃﺟﻮﺍﻓﻬﺎ ﺑﺎﻟﻨﻔﻂ ﻭﺍﻟﻜﱪﻳﺖ؛ ﻭﺗﻠﺒﺲ ﻭﺗﻘﺪﻡ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﺼﻒ ﰲ ﺍﻟﻘﻠﺐ. ﻭﻭﻗﺖ ﻣﺎ ﻳﻠﺘﻘﻲ
ﺍﳉﻤﻌﺎﻥ ﺗﻀﺮﻡ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻨﲑﺍﻥ. ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻔﻴﻠﺔ ﺇﺫﺍ ﻟﻔﺖ ﺧﺮﺍﻃﻴﻤﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﺮﺳﺎﻥ ﻭﻫﻲ ﺣﺎﻣﻴﺔ، ﻭﻟﺖ ﻫﺎﺭﺑﺔ، ﻭﺃﻭﻋﺰ
ﺇﱃ ﺍﻟﺼﻨﺎﻉ ﺑﺎﻟﺘﺸﻤﲑ ﻭﺍﻻﻧﻜﻤﺎﺵ ﻭﺍﻟﻔﺮﺍﻍ ﻣﻨﻬﺎ. ﻓﺠﺪﻭﺍ ﰲ ﺫﻟﻚ ﻭﻋﺠﻠﻮﺍ. ﻭﻗﺮﺏ ﺃﻳﻀﺎﹰ ﻭﻗﺖ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭ
ﺍﳌﻨﺠﻤﲔ. ﻓﺄﻋﺎﺩ ﺫﻭ ﺍﻟﻘﺮﻧﲔ ﺭﺳﻠﻪ ﺇﱃ ﻓﻮﺭ ﻳﺪﻋﻮﻩ ﺇﻟﻴﻪ ﻣﻦ ﻃﺎﻋﺘﻪ ﻭﺍﻹﺫﻋﺎﻥ ﻟﺪﻭﻟﺘﻪ. ﻓﺄﺟﺎﺏ ﺟﻮﺍﺏ ﻣﺼﺮ
ﻋﻠﻰ ﻣﺼﺮٍ ﻋﻠﻰ ﳐﺎﻟﻔﺘﻪ، ﻣﻘﻴﻢٍ ﻋﻠﻰ ﳏﺎﺭﺑﺘﻪ. ﻓﻠﻤﺎ ﺭﺃﻯ ﺫﻭ ﺍﻟﻘﺮﻧﲔ ﻋﺰﳝﺘﻪ ﺳﺎﺭ ﺇﻟﻴﻪ ﺑﺄﻫﺒﺘﻪ؛ ﻭﻗﺪﻡ ﻓﻮﺭ ﺍﻟﻔﻴﻠﺔ
ﺃﻣﺎﻣﻪ، ﻭﺩﻓﻌﺖ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ ﺗﻠﻚ ﺍﳋﻴﻞ ﻭﲤﺎﺛﻴﻞ ﺍﻟﻔﺮﺳﺎﻥ؛ ﻓﺄﻗﺒﻠﺖ ﺍﻟﻔﻴﻠﺔ ﳓﻮﻫﺎ، ﻭﻟﻔﺖ ﺧﺮﺍﻃﻴﻤﻬﺎ ﻋﻠﻴﻬﺎ. ﻓﻠﻤﺎ
ﺃﺣﺴﺖ ﺑﺎﳊﺮﺍﺭﺓ ﺃﻟﻘﺖ ﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻴﻬﺎ، ﻭﺩﺍﺳﺘﻬﻢ ﲢﺖ ﺃﺭﺟﻠﻬﺎ، ﻭﻣﻀﺖ ﻣﻬﺰﻭﻣﺔ ﻫﺎﺭﺑﺔ، ﻻ ﺗﻠﻮﻱ ﻋﻠﻰ
ﺷﻲﺀٍ ﻭﻻ ﲤﺮ ﺑﺄﺣﺪٍ ﺇﻻ ﻭﻃﺌﺘﻪ. ﻭﺗﻘﻄﻊ ﻓﻮﺭٍ ﻭﲨﻌﻪ، ﻭﺗﺒﻌﻬﻢ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻹﺳﻜﻨﺪﺭ؛ ﻭﺃﺛﺨﻨﻮﺍ ﻓﻴﻬﻢ ﺍﳉﺮﺍﺡ.

ﻭﺻﺎﺡ ﺍﻹﺳﻜﻨﺪﺭ: ﻳﺎ ﻣﻠﻚ ﺍﳍﻨﺪ ﺃﺑﺮﺯ ﺇﻟﻴﻨﺎ، ﻭﺃﺑﻖ ﻋﻠﻰ ﻋﺪﺗﻚ ﻭﻋﻴﺎﻟﻚ، ﻭﻻ ﲢﻤﻠﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻨﺎﺀ. ﻓﺈﻧﻪ ﻟﻴﺲ
ﻣﻦ ﺍﳌﺮﻭﺀﺓ ﺃﻱ ﻳﺮﻣﻲ ﺍﳌﻠﻚ ﺑﻌﺪﺗﻪ ﰲ ﺍﳌﻬﺎﻟﻚ ﺍﳌﺘﻠﻔﺔ ﻭﺍﳌﻮﺍﺿﻊ ﺍﺤﻔﺔ، ﺑﻞ ﻳﻘﻴﻬﻢ ﲟﺎﻟﻪ ﻭﻳﺪﺍﻓﻊ ﻋﻨﻬﻢ ﺑﻨﻔﺴﻪ.
ﻓﺄﺑﺮﺯ ﺇﱃ ﻭﺩﻉ ﺍﳉﻨﺪ، ﻓﺄﻳﻨﺎ ﻗﻬﺮ ﺻﺎﺣﺒﻪ ﻓﻬﻮ ﺍﻷﺳﻌﺪ. ﻓﻠﻤﺎ ﲰﻊ ﻓﻮﺭ ﻣﻦ ﺫﻱ ﺍﻟﻘﺮﻧﲔ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺩﻋﺘﻪ
ﻧﻔﺴﻪ ﳌﻼﻗﺎﺗﻪ ﻃﻤﻌﺎﹰ ﻓﻴﻪ؛ ﻭﻇﻦ ﺫﻟﻚ ﻓﺮﺻﺔﹰ. ﻓﱪﺯ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻹﺳﻜﻨﺪﺭ ﻓﺘﺠﺎﻭﻻ ﻋﻠﻰ ﻇﻬﺮﻱ ﻓﺮﺳﻴﻬﻤﺎ ﺳﺎﻋﺎﺕ ﻣﻦ
ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﻟﻴﺲ ﻳﻠﻘﻰ ﺃﺣﺪﳘﺎ ﻣﻦ ﺻﺎﺣﺒﻪ ﻓﺮﺻﺔﹰ؛ ﻭﱂ ﻳﺰﺍﻻ ﻳﺘﻌﺎﺭﻛﺎﻥ. ﻓﻠﻤﺎ ﺃﻋﻴﺎ ﺍﻹﺳﻜﻨﺪﺭ ﺃﻣﺮﻩ ﻭﱂ ﳚﺪ ﻟﻪ
ﻓﺮﺻﺔﹰ ﻭﻻ ﺣﻴﻠﺔ ﺃﻭﻗﻊ ﺫﻭ ﺍﻟﻘﺮﻧﲔ ﰲ ﻋﺴﻜﺮﻩ ﺻﻴﺤﺔ ﻋﻈﻴﻤﺔ ﺍﺭﲡﺖ ﳍﺎ ﺍﻷﺭﺽ ﻭﺍﻟﻌﺴﺎﻛﺮ؛ ﻓﺎﻟﺘﻔﺖ ﻓﻮﺭ
ﻋﻨﺪﻣﺎ ﲰﻊ ﺍﻟﺰﻋﻘﺔ، ﻭﻇﻨﻬﺎ ﻣﻜﻴﺪﺓ ﰲ ﻋﺴﻜﺮﻩ؛ ﻓﻌﺎﺟﻠﻪ ﺫﻭ ﺍﻟﻘﺮﻧﲔ ﺑﻀﺮﺑﺔ ﺃﻣﺎﻟﺘﻪ ﻋﻦ ﺳﺮﺟﻪ، ﻭﺗﺒﻌﻪ ﺑﺄﺧﺮﻯ؛
ﻓﻮﻗﻊ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺽ. ﻓﻠﻤﺎ ﺭﺃﺕ ﺍﳍﻨﺪ ﻣﺎ ﻧﺰﻝ ﻢ، ﻭﻣﺎ ﺻﺎﺭ ﺇﻟﻴﻪ ﻣﻠﻜﻬﻢ؛ ﲪﻠﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺳﻜﻨﺪﺭ ﻓﻘﺎﺗﻠﻮﻩ ﻗﺘﺎﻻﹰ
ﺃﺣﺒﻮﺍ ﻣﻌﻪ ﺍﳌﻮﺕ. ﻓﻮﻋﺪﻫﻢ ﻣﻦ ﻧﻔﺴﻪ ﺍﻹﺣﺴﺎﻥ، ﻭﻣﻨﺤﻪ ﺍﷲ ﺃﻛﺘﺎﻓﻬﻢ؛ ﻓﺎﺳﺘﻮﱃ ﻋﻠﻰ ﺑﻼﺩﻫﻢ، ﻭﻣﻠﻚ ﻋﻠﻴﻪ
ﺭﺟﻼﹰ ﻣﻦ ﺛﻘﺎﺗﻪ. ﻭﺃﻗﺎﻡ ﺑﺎﳍﻨﺪ ﺣﱴ ﺍﺳﺘﻮﺛﻖ ﳑﺎ ﺃﺭﺍﺩ ﻣﻦ ﺃﻣﺮﻫﻢ ﻭﺍﺗﻔﺎﻕ ﻛﻠﻤﺘﻬﻢ؛ ﰒ ﺍﻧﺼﺮﻑ ﻋﻦ ﺍﳍﻨﺪ ﻭﺧﻠﻒ
ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻋﻠﻴﻬﻢ. ﻣﻀﻰ ﻣﺘﻮﺟﻬﺎﹰ ﳓﻮ ﻣﺎ ﻗﺼﺪ ﻟﻪ. ﻓﻠﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﺫﻭ ﺍﻟﻘﺮﻧﲔ ﻋﻦ ﺍﳍﻨﺪ ﲜﻴﻮﺷﻪ، ﺗﻐﲑﺕ ﺍﳍﻨﺪ
ﻋﻤﺎ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﻃﺎﻋﺔ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﺧﻠﻔﻪ ﻋﻠﻴﻬﻢ؛ ﻭﻗﺎﻟﻮﺍ ﻟﻴﺲ ﻳﺼﻠﺢ ﻟﻠﺴﻴﺎﺳﺔ ﻭﻻ ﺗﺮﺿﻰ ﺍﳋﺎﺻﺔ
ﻭﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺃﻥ ﳝﻠﻜﻮﺍ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺭﺟﻼﹰ ﻟﻴﺲ ﻫﻮ ﻣﻨﻬﻢ ﻭﻻ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺑﻴﻮﻢ. ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﻳﺰﺍﻝ ﻳﺴﺘﺬﳍﻢ ﻭﻳﺴﺘﻘﻠﻬﻢ.
ﻭﺍﺟﺘﻤﻌﻮﺍ ﳝﻠﻜﻮﻥ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺭﺟﻼﹰ ﻣﻦ ﺃﻭﻻﺩ ﻣﻠﻮﻛﻬﻢ؛ ﻓﻤﻠﻜﻮﺍ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻣﻠﻜﺎﹰ ﻳﻘﺎﻝ ﻟﻪ ﺩﺑﺸﻠﻴﻢ؛ ﻭﺧﻠﻌﻮﺍ ﺍﻟﺮﺟﻞ 4 ﻛﻠﻴﻠﺔ ﻭﺩﻣﻨﺔ-ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻤﻘﻔﻊ
ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﺧﻠﻔﻪ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻹﺳﻜﻨﺪﺭ. ﻓﻠﻤﺎ ﺍﺳﺘﻮﺳﻖ ﻟﻪ ﺍﻷﻣﺮ، ﻭﺍﺳﺘﻘﺮ ﻟﻪ ﺍﳌﻠﻚ. ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻣﺆﻳﺪﺍﹰ ﻣﻈﻔﺮﺍﹰ
ﻣﻨﺼﻮﺭﺍﹰ. ﻓﻬﺎﺑﺘﻪ ﺍﻟﺮﻋﻴﺔ. ﻓﻠﻤﺎ ﺭﺃﻯ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﳌﻠﻚ ﻭﺍﻟﺴﻄﻮﺓ، ﻋﺒﺚ ﺑﺎﻟﺮﻋﻴﺔ ﻭﺍﺳﺘﺼﻐﺮ ﺃﻣﺮﻫﻢ ﻭﺃﺳﺎﺀ
ﺍﻟﺴﲑﺓ ﻓﻴﻬﻢ. ﻭﻛﺎﻥ ﻻ ﺗﺮﺗﻘﻲ ﺣﺎﻟﻪ ﺇﻻ ﺍﺯﺩﺍﺩ ﻋﺘﻮﺍﹰ. ﻓﻤﻜﺚ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺑﺮﻫﺔ ﻣﻦ ﺩﻫﺮﻩ. ﻭﻛﺎﻥ ﰲ ﺯﻣﺎﻧﻪ
ﺭﺣﻞ ﻓﻴﻠﺴﻮﻑ ﻣﻦ ﺍﻟﱪﺍﳘﺔ، ﻓﺎﺿﻞﹲ ﺣﻜﻴﻢ، ﻳﻌﺮﻑ ﺑﻔﻀﻠﻪ، ﻭﻳﺮﺟﻊ ﰲ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﺇﱃ ﻗﻮﻟﻪ، ﻳﻘﺎﻝ ﻟﻪ ﺑﻴﺪﺑﺎ. ﻓﻠﻤﺎ
ﺭﺃﻯ ﺍﳌﻠﻚ ﻭﻣﺎ ﻫﻮ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﻟﻠﺮﻋﻴﺔ، ﻓﻜﺮ ﰲ ﻭﺟﻪ ﺍﳊﻴﻠﺔ ﰲ ﺻﺮﻓﻪ ﻋﻤﺎ ﻫﻮ ﻋﻠﻴﻪ، ﻭﺭﺩﻩ ﺇﱃ ﺍﻟﻌﺪﻝ
ﻭﺍﻹﻧﺼﺎﻑ؛ ﻓﺠﻤﻊ ﻟﺬﻟﻚ ﺗﻼﻣﻴﺬﻩ، ﻭﻗﺎﻝ: ﺃﺗﻌﻠﻤﻮﻥ ﻣﺎ ﺃﺭﻳﺪ ﺃﻥ ﺃﺷﺎﻭﺭﻛﻢ ﻓﻴﻪ؟ ﺍﻋﻠﻤﻮﺍ ﺇﱐ ﺃﻃﻠﺖ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ ﰲ
ﺩﺑﺸﻠﻴﻢ ﻭﻣﺎ ﻫﻮ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﳋﺮﻭﺝ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﻭﻟﺰﻭﻡ ﺍﻟﺸﺮ ﻭﺭﺩﺍﺀﺓ ﺍﻟﺴﲑﺓ ﻭﺳﻮﺀ ﺍﻟﻌﺸﺮﺓ ﻣﻊ ﺍﻟﺮﻋﻴﺔ؛ ﻭﳓﻦ ﻣﺎ
ﻧﺮﻭﺽ ﺃﻧﻔﺴﻨﺎ ﳌﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﺇﺫﺍ ﻇﻬﺮﺕ ﻣﻦ ﺍﳌﻠﻮﻙ، ﻏﻼ ﻟﻨﺮﺩﻫﻢ ﺇﱃ ﻓﻌﻞ ﺍﳋﲑ ﻭﻟﺰﻭﻡ ﺍﻟﻌﺪﻝ.

ﻭﻣﱴ ﺃﻏﻔﻠﻨﺎ ﺫﻟﻚ ﻭﺃﳘﻠﻨﺎﻩ ﻟﺰﻡ ﻭﻗﻮﻉ ﺍﳌﻜﺮﻭﻩ ﺑﻨﺎ، ﻭﺑﻠﻮﻍ ﺍﶈﺬﻭﺭﺍﺕ ﺇﻟﻴﻨﺎ؛ ﻏﺬ ﻛﻨﺎ ﰲ ﺃﻧﻔﺲ ﺍﳉﻬﺎﻝ ﺃﺟﻬﻞ
ﻣﻨﻬﻢ؛ ﻭﰲ ﺍﻟﻌﻴﻮﻥ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﺃﻗﻞ ﻣﻨﻬﻢ. ﻭﻟﻴﺲ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﻋﻨﺪﻱ ﺍﳉﻼﺀ ﻋﻦ ﺍﻟﻮﻃﻦ. ﻭﻻ ﻳﺴﻌﻨﺎ ﰲ ﺣﻜﻤﺘﻨﺎ ﺇﺑﻘﺎﺅﻩ
ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺳﻮﺀ ﺍﻟﺴﲑﺓ ﻭﻗﺒﺢ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ. ﻭﻻ ﳝﻜﻨﻨﺎ ﳎﺎﻫﺪﺗﻪ ﺑﻐﲑ ﺃﻟﺴﻨﺘﻨﺎ. ﻭﻟﻮ ﺫﻫﺒﻨﺎ ﺇﱃ ﺃﻥ ﻧﺴﺘﻌﲔ
ﺑﻐﲑﻧﺎ ﱂ ﺗﺘﻬﻴﺄ ﻟﻨﺎ ﻣﻌﺎﻧﺪﺗﻪ. ﻭﺇﻥ ﺃﺣﺲ ﻣﻨﺎ ﲟﺤﺎﻟﻔﺘﻪ ﻭﺇﻧﻜﺎﺭﻧﺎ ﺳﻮﺀ ﺳﲑﺗﻪ ﻛﺎﻥ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺑﻮﺍﺭﻧﺎ. ﻭﻗﺪ ﺗﻌﻠﻤﻮﻥ
ﺃﻥ ﳎﺎﻭﺭﺓ ﺍﻟﺴﺒﻊ ﻭﺍﻟﻜﻠﺐ ﻭﺍﳊﻴﺔ ﻭﺍﻟﺜﻮﺭ ﻋﻠﻰ ﻃﻴﺐ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﻭﻧﻀﺎﺭﺓ ﺍﻟﻌﻴﺶ ﻟﻐﺪﺭٍ ﺑﺎﻟﻨﻔﺲ. ﻭﺇﻥ ﺍﻟﻔﻴﻠﺴﻮﻑ
ﳊﻘﻴﻖ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﳘﺘﻪ ﻣﺼﺮﻭﻓﺔ ﺇﱃ ﻣﺎ ﳛﺼﻦ ﺑﻪ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﻦ ﻧﻮﺍﺯﻝ ﺍﳌﻜﺮﻭﻩ ﻭﻟﻮﺍﺣﻖ ﺍﶈﺬﻭﺭ؛ ﻭﻳﺪﻓﻊ ﺍﳌﺨﻮﻑ
ﻻﺳﺘﺠﻼﺏ ﺍﶈﺒﻮﺏ. ﻭﻟﻘﺪ ﻛﻨﺖ ﺃﲰﻊ ﺃﻥ ﻓﻴﻠﺴﻮﻓﺎﹰ ﻛﺘﺐ ﻟﺘﻠﻤﻴﺬﻩ ﻳﻘﻮﻝ: ﺇﻥ ﳎﺎﻭﺭ ﺭﺟﺎﻝ ﺍﻟﺴﻮﺀ ﻭﻣﺼﺎﺣﺒﻬﻢ
ﻛﺮﺍﻛﺐ ﺍﻟﺒﺤﺮ: ﺇﻥ ﺳﻠﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﺮﻕ ﱂ ﻳﺴﻠﻢ ﻣﻦ ﺍﳌﺨﺎﻭﻑ. ﻓﺈﺫﺍ ﻫﻮ ﺃﻭﺭﺩ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﻮﺍﺭﺩ ﺍﳌﻬﻠﻜﺎﺕ ﻭﻣﺼﺎﺩﺭ
ﺍﳌﺨﻮﻓﺎﺕ، ﻋﺪ ﻣﻦ ﺍﳊﻤﲑ ﺍﻟﱵ ﻻ ﻧﻔﺲ ﳍﺎ. ﻷﻥ ﺍﳊﻴﻮﺍﻥ ﺍﻟﺒﻬﻴﻤﻴﺔ ﻗﺪ ﺧﺼﺖ ﰲ ﻃﺒﺎﺋﻌﻬﺎ ﲟﻌﺮﻓﺔ ﻣﺎ ﺗﻜﺘﺴﺐ
ﺑﻪ ﺍﻟﻨﻔﻊ ﻭﺗﺘﻮﻗﻰ ﺍﳌﻜﺮﻭﻩ: ﻭﺫﻟﻚ ﺃﻧﻨﺎ ﱂ ﻧﺮﻫﺎ ﺗﻮﺭﺩ ﺃﻧﻔﺴﻬﺎ ﻣﻮﺭﺩﺍﹰ ﻓﻴﻪ ﻫﻠﻜﺘﻬﺎ. ﻭﺃﺎ ﻣﱴ ﺃﺷﺮﻓﺖ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﺭﺩ
ﻣﻬﻠﻚ ﳍﺎ، ﻣﺎﻟﺖ ﺑﻄﺒﺎﺋﻌﻬﺎ ﺍﻟﱵ ﺭﻛﺒﺖ ﻓﻴﻬﺎ - ﺷﺤﺎﹰ ﺑﺄﻧﻔﺴﻬﺎ ﻭﺻﻴﺎﻧﺔﹰ ﳍﺎ - ﺇﱃ ﺍﻟﻨﻔﻮﺭ ﻭﺍﻟﺘﺒﺎﻋﺪ ﻋﻨﻪ، ﻭﻗﺪ
ﲨﻌﺘﻜﻢ ﳍﺬﺍ ﺍﻷﻣﺮ: ﻷﻧﻜﻢ ﺃﺳﺮﰐ ﻭﻣﻜﺎﻥ ﺳﺮﻱ ﻭﻣﻮﺿﻊ ﻣﻌﺮﻓﱵ؛ ﻭﺑﻜﻢ ﺃﻋﺘﻀﺪ، ﻭﻋﻠﻴﻜﻢ ﺃﻋﺘﻤﺪ. ﻓﺈﻥ
ﺍﻟﻮﺣﻴﺪ ﰲ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﺍﳌﻨﻔﺮﺩ ﺑﺮﺃﻳﻪ ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻥ ﻓﻬﻮ ﺿﺎﺋﻊ ﻭﻻ ﻧﺎﺻﺮ ﻟﻪ. ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﺎﻗﻞ ﻗﺪ ﻳﺒﻠﻎ ﲝﻴﻠﺘﻪ ﻣﺎ ﻻ ﻳﺒﻠﻎ
ﺑﺎﳋﻴﻞ ﻭﺍﳉﻨﻮﺩ. ﻭﺍﳌﺜﻞ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﻗﻨﱪﺓﹰ ﺍﲣﺬﺕ ﺃﺩﺧﻴﺔﹰ ﻭﺑﺎﺿﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﻔﻴﻞ؛ ﻭﻛﺎﻥ ﻟﻠﻔﻴﻞ ﻣﺸﺮﺏ
ﻳﺘﺮﺩﺩ ﺇﻟﻴﻪ. ﻓﻤﺮ ﺫﺍﺕ ﻳﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺩﺗﻪ ﻟﲑﺩ ﻣﻮﺭﺩﻩ ﻓﻮﻃﺊ ﻋﺶ ﺍﻟﻘﻨﱪﺓ؛ ﻭﻫﺸﻢ ﺑﻴﻀﻬﺎ ﻭﻗﺘﻞ ﻓﺮﺍﺧﻬﺎ. ﻓﻠﻤﺎ
ﻧﻈﺮﺕ ﻣﺎ ﺳﺎﺀﻫﺎ، ﻋﻠﻤﺖ ﺃﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﺎﳍﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻴﻞ ﻻ ﻣﻦ ﻏﲑﻩ. ﻓﻄﺎﺭﺕ ﻓﻮﻗﻌﺖ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻪ ﺑﺎﻛﻴﺔﹰ؛ ﰒ ﻗﺎﻟﺖ:
ﺃﻳﻬﺎ ﺍﳌﻠﻚ ﱂ ﻫﺸﻤﺖ ﺑﻴﻀﻲ ﻭﻗﺘﻠﺖ ﻓﺮﺍﺧﻲ، ﻭﺃﻧﺎ ﰲ ﺟﻮﺍﺭﻙ؟ ﺃﻓﻌﻠﺖ ﻫﺬﺍ ﺍﺳﺘﺼﻐﺎﺭﺍﹰ ﻣﻨﻚ ﻷﻣﺮﻱ ﻭﺍﺣﺘﻘﺎﺭﺍﹰ
ﻟﺸﺄﱐ. ﻗﺎﻝ: ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﲪﻠﲏ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ. ﻓﺘﺮﻛﺘﻪ ﻭﺍﻧﺼﺮﻓﺖ ﺇﱃ ﲨﺎﻋﺔ ﺍﻟﻄﲑ؛ ﻓﺸﻜﺖ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻣﺎ ﻧﺎﳍﺎ ﻣﻦ 5 ﻛﻠﻴﻠﺔ ﻭﺩﻣﻨﺔ-ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻤﻘﻔﻊ
ﺍﻟﻔﻴﻞ. ﻓﻘﻠﻦ ﳍﺎ ﻭﻣﺎ ﻋﺴﻰ ﺃﻥ ﻧﺒﻠﻎ ﻣﻨﻪ ﻭﳓﻦ ﺍﻟﻄﻴﻮﺭ؟ ﻓﻘﺎﻟﺖ ﻟﻠﻌﻘﺎﻋﻖ ﻭﺍﻟﻐﺮﺑﺎﻥ: ﺃﺣﺐ ﻣﻨﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﺼﺮﻥ
ﻣﻌﻲ ﺇﻟﻴﻪ ﻓﺘﻔﻘﺄﻥ ﻋﻴﻨﻴﻪ؛ ﻓﺈﱐ ﺃﺣﺘﺎﻝ ﻟﻪ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﺣﻴﻠﺔﹰ ﺃﺧﺮﻯ. ﻓﺄﺟﺒﻨﻬﺎ ﺇﱃ ﺫﻟﻚ، ﻭﺫﻫﱭ ﺇﱃ ﺍﻟﻔﻴﻞ، ﻭﱂ
ﻳﺰﻟﻦ ﻳﻨﻘﺮﻥ ﻋﻴﻨﻴﻪ ﺣﱴ ﺫﻫﱭ ﻤﺎ. ﻭﺑﻘﻲ ﻻ ﻳﻬﺘﺪﻱ ﺇﱃ ﻃﺮﻳﻖ ﻣﻄﻌﻤﻪ ﻭﻣﺸﺮﺑﻪ ﺇﻻ ﻣﺎ ﻳﻠﻘﻤﻪ ﻣﻦ ﻣﻮﺿﻌﻪ.
ﻓﻠﻤﺎ ﻋﻠﻤﺖ ﺫﻟﻚ ﻣﻨﻪ، ﺟﺎﺀﺕ ﺇﱃ ﻏﺪﻳﺮ ﻓﻴﻪ ﺿﻔﺎﺩﻉ ﻛﺜﲑ، ﻓﺸﻜﺖ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻣﺎ ﻧﺎﳍﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻴﻞ.
ﻗﺎﻟﺖ ﺍﻟﻀﻔﺎﺩﻉ: ﻣﺎ ﺣﻴﻠﺘﻨﺎ ﳓﻦ ﰲ ﻋﻈﻢ ﺍﻟﻔﻴﻞ؟ ﻭﺃﻳﻦ ﻧﺒﻠﻎ ﻣﻨﻪ. ﻗﺎﻟﺖ: ﺍﺣﺐ ﻣﻨﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﺼﺮﻥ ﻣﻌﻲ ﺇﱃ
ﻭﻫﺪﺓٍ ﻗﺮﻳﺒﺔٍ ﻣﻨﻪ، ﻓﺘﻨﻘﻘﻦ ﻓﻴﻬﺎ، ﻭﺗﻀﺠﺠﻦ. ﻓﺈﻧﻪ ﺇﺫﺍ ﲰﻊ ﺃﺻﻮﺍﺗﻜﻦ ﱂ ﻳﺸﻚ ﰲ ﺍﳌﺎﺀ ﻓﻴﻬﻮﻱ ﻓﻴﻬﺎ. ﻓﺄﺟﺒﻨﻬﺎ
ﺇﱃ ﺫﻟﻚ؛ ﻭﺍﺟﺘﻤﻌﻦ ﰲ ﺍﳍﺎﻭﻳﺔ، ﻓﺴﻤﻊ ﺍﻟﻔﻴﻞ ﻧﻘﻴﻖ ﺍﻟﻀﻔﺎﺩﻉ، ﻭﻗﺪ ﺍﺟﻬﺪﻩ ﺍﻟﻌﻄﺶ، ﻓﺄﻗﺒﻞ ﺣﱴ ﻭﻗﻊ ﰲ
ﺍﻟﻮﻫﺪﺓ، ﻓﺎﺭﺗﻄﻢ ﻓﻴﻬﺎ. ﻭﺟﺎﺀﺕ ﺍﻟﻘﻨﱪﺓ ﺗﺮﻓﺮﻑ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻪ؛ ﻭﻗﺎﻟﺖ: ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻄﺎﻏﻲ ﺍﳌﻐﺘﺮ ﺑﻘﻮﺗﻪ ﺍﶈﺘﻘﺮ ﻷﻣﺮﻱ،
ﻛﻴﻒ ﺭﺃﻳﺖ ﻋﻈﻢ ﺣﻴﻠﱵ ﻣﻊ ﺻﻐﺮ ﺟﺜﱵ ﻋﻨﺪ ﻋﻈﻢ ﺟﺜﺘﻚ ﻭﺻﻐﺮ ﳘﺘﻚ؟ ﻓﻠﻴﺸﺮ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻜﻢ ﲟﺎ ﻳﺴﻨﺢ
ﻟﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺃﻱ. ﻗﺎﻟﻮﺍ ﺑﺄﲨﻌﻬﻢ: ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻔﻴﻠﺴﻮﻑ ﺍﻟﻔﺎﺿﻞ، ﻭﺍﳊﻜﻴﻢ ﺍﻟﻌﺎﺩﻝ، ﺃﻧﺖ ﺍﳌﻘﺪﻡ ﻓﻴﻨﺎ، ﻭﺍﻟﻔﺎﺿﻞ ﻋﻠﻴﻨﺎ،
ﻭﻣﺎ ﻋﺴﻰ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺒﻠﻎ ﺭﺃﻳﻨﺎ ﻋﻨﺪ ﺭﺃﻳﻚ، ﻭﻓﻬﻤﻨﺎ ﻋﻨﺪ ﻓﻬﻤﻚ؟ ﻏﲑ ﺃﻧﻨﺎ ﻧﻌﻠﻢ ﺃﻥ ﺍﻟﺴﺒﺎﺣﺔ ﰲ ﺍﳌﺎﺀ ﻣﻊ
ﺍﻟﺘﻤﺎﺳﻴﺢ ﺗﻐﺮﻳﺮ؛ ﻭﺍﻟﺬﻧﺐ ﻓﻴﻪ ﳌﻦ ﺩﺧﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﰲ ﻣﻮﺿﻌﻪ. ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﺘﺨﺮﺝ ﺍﻟﺴﻢ ﻣﻦ ﻧﺎﺏ ﺍﳊﻴﺔ ﻓﻴﺒﺘﻠﻌﻪ
ﻟﻴﺠﺮﺑﻪ ﺟﺎﻥٍ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ، ﻓﻠﻴﺲ ﺍﻟﺬﻧﺐ ﻟﻠﺤﻴﺔ. ﻭﻣﻦ ﺩﺧﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺳﺪ ﰲ ﻏﺎﺑﺘﻪ ﱂ ﻳﺄﻣﻦ ﻣﻦ ﻭﺛﺒﺘﻪ. ﻭﻫﺬﺍ
ﺍﳌﻠﻚ ﱂ ﺗﻔﺰﻋﻪ ﺍﻟﻨﻮﺍﺋﺐ، ﻭﱂ ﺗﺆﺩﺑﻪ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺏ. ﻭﻟﺴﻨﺎ ﻧﺄﻣﻦ ﻋﻠﻴﻚ ﻭﻻ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻔﺴﻨﺎ ﺳﻄﻮﺗﻪ ﻭﺇﻧﺎ ﳔﺎﻑ ﻋﻠﻴﻚ
ﻣﻦ ﺳﻮﺭﺗﻪ ﻭﻣﺒﺎﺩﺭﺗﻪ ﺑﺴﻮﺀٍ ﺇﺫﺍ ﻟﻘﻴﺘﻪ ﺑﻐﲑ ﻣﺎ ﳛﺐ. ﻓﻘﺎﻝ ﺍﳊﻜﻴﻢ ﺑﻴﺪﺑﺎ: ﻟﻌﻤﺮﻱ ﻟﻘﺪ ﻗﻠﺘﻢ ﻓﺄﺣﺴﻨﺘﻢ، ﻟﻜﻦ ﺫﺍ
ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﳊﺎﺯﻡ ﻻ ﻳﺪﻉ ﺃﻥ ﻳﺸﺎﻭﺭ ﻣﻦ ﻫﻮ ﺩﻭﻧﻪ ﺃﻭ ﻓﻮﻗﻪ ﰲ ﺍﳌﱰﻟﺔ. ﻭﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﻟﻔﺮﺩ ﻻ ﻳﻜﺘﻔﻲ ﺑﻪ ﰲ ﺍﳋﺎﺻﺔ ﻭﻻ
ﻳﻨﺘﻔﻊ ﺑﻪ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ. ﻭﻗﺪ ﺻﺤﺖ ﻋﺰﳝﱵ ﻋﻠﻰ ﻟﻘﺎﺀ ﺩﺑﺸﻠﻴﻢ. ﻭﻗﺪ ﲰﻌﺖ ﻣﻘﺎﻟﺘﻜﻢ؛ ﻭﺗﺒﲔ ﱄ ﻧﺼﻴﺤﺘﻜﻢ
ﻭﺍﻹﺷﻔﺎﻕ ﻋﻠﻲ ﻭﻋﻠﻴﻜﻢ. ﻏﲑ ﺃﱐ ﻗﺪ ﺭﺃﻳﺖ ﺭﺃﻳﺎﹰ ﻭﻋﺰﻣﺖ ﻋﺰﻣﺎﹰ؛ ﻭﺳﺘﻌﺮﻓﻮﻥ ﺣﺪﻳﺜﻲ ﻋﻨﺪ ﺍﳌﻠﻚ ﻭﳎﺎﻭﺑﱵ ﺇﻳﺎﻩ
ﻓﺈﺫﺍ ﺍﺗﺼﻞ ﺑﻜﻢ ﺧﺮﻭﺟﻲ ﻣﻦ ﻋﻨﺪﻩ ﻓﺎﺟﺘﻤﻌﻮﺍ ﺇﱄ. ﻭﺻﺮﻓﻬﻢ ﻳﺪﻋﻮﻥ ﻟﻪ ﺑﺎﻟﺴﻼﻣﺔ.

ﰒ ﺇﻥ ﺑﻴﺪﺑﺎ ﺍﺧﺘﺎﺭ ﻳﻮﻣﺎﹰ ﻟﻠﺪﺧﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻠﻚ؛ ﺣﱴ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺃﻟﻘﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﺴﻮﺣﺔ ﻭﻫﻲ ﻟﺒﺎﺱ
ﺍﻟﱪﺍﳘﺔ؛ ﻭﻗﺼﺪ ﺑﺎﺏ ﺍﳌﻠﻚ، ﻭﺳﺄﻝ ﻋﻦ ﺻﺎﺣﺐ ﺇﺫﻧﻪ ﻭﺃﺭﺷﺪ ﺇﻟﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻋﻠﻴﻪ؛ ﻭﺃﻋﻠﻤﻪ ﻗﺎﻝ ﱄ: ﺇﱐ ﺭﺟﻞ
ﻗﺼﺪﺕ ﺍﳌﻠﻚ ﰲ ﻧﺼﻴﺤﺔٍ. ﻓﺪﺧﻞ ﺍﻵﺫﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻠﻚ ﰲ ﻭﻗﺘﻪ؛ ﻭﻗﺎﻝ: ﺑﺎﻟﺒﺎﺏ ﺭﺟﻞﹲ ﻣﻦ ﺍﻟﱪﺍﳘﺔ ﻳﻘﺎﻝ ﻟﻪ ﺑﻴﺪﺑﺎ،
ﺫﻛﺮ ﺃﻥ ﻣﻌﻪ ﻟﻠﻤﻠﻚ ﻧﺼﻴﺤﺔ. ﻓﺄﺫﻥ ﻟﻪ؛ ﻓﺪﺧﻞ ﻭﻭﻗﻒ ﺑﲔ ﻳﺪﻳﻪ ﻭﻛﻔﺮ ﻭﺳﺠﺪ ﻟﻪ ﻭﺍﺳﺘﻮﻯ ﻗﺎﺋﻤﺎﹰ ﻭﺳﻜﺖ.
ﻭﻓﻜﺮ ﺩﺑﺸﻠﻴﻢ ﰲ ﺳﻜﻮﺗﻪ؛ ﻭﻗﺎﻝ: ﺇﻥ ﻫﺬﺍ ﱂ ﻳﻘﺼﺪﻧﺎ ﺇﻻ ﻷﻣﺮﻳﻦ: ﺇﻣﺎ ﻻﻟﺘﻤﺎﺱ ﺷﻲﺀٍ ﻣﻨﺎ ﻳﺼﻠﺢ ﺑﻪ ﺣﺎﻟﻪ،
ﻭﺇﻣﺎ ﻷﻣﺮ ﳊﻘﻪ ﻓﻠﻢ ﺗﻜﻦ ﻟﻪ ﺑﻪ ﻃﺎﻗﺔﹲ. ﰒ ﻗﺎﻝ: ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻟﻠﻤﻠﻮﻙ ﻓﻀﻞﹲ ﰲ ﳑﻠﻜﺘﻬﺎ ﻓﺈﻥ ﻟﻠﺤﻜﻤﺎﺀ ﻓﻀﻼﹰ ﰲ
ﺣﻜﻤﺘﻬﺎ ﺃﻋﻈﻢ: ﻷﻥ ﺍﳊﻜﻤﺎﺀ ﺃﻏﻨﻴﺎﺀ ﻋﻦ ﺍﳌﻠﻮﻙ ﺑﺎﻟﻌﻠﻢ ﻭﻟﻴﺲ ﺍﳌﻠﻮﻙ ﺃﻏﻨﻴﺎﺀ ﻋﻦ ﺍﳊﻜﻤﺎﺀ ﺑﺎﳌﺎﻝ. ﻭﻗﺪ ﻭﺟﺪﺕ 6 ﻛﻠﻴﻠﺔ ﻭﺩﻣﻨﺔ-ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻤﻘﻔﻊ
ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﳊﻴﺎ ﺇﻟﻔﲔ ﻣﺘﺂﻟﻔﲔ ﻻ ﻳﻔﺘﺮﻗﺎﻥ: ﻣﱴ ﻓﻘﺪ ﺃﺣﺪﳘﺎ ﱂ ﻳﻮﺟﺪ ﺍﻵﺧﺮ؛ ﻛﺎﳌﺘﺼﺎﻓﻴﲔ ﺇﻥ ﻋﺪﻡ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﺃﺣﺪ ﱂ
ﻳﻄﺐ ﺻﺎﺣﺒﻪ ﻧﻔﺴﺎﹰ ﺑﺎﻟﺒﻘﺎﺀ ﺗﺄﺳﻔﺎﹰ ﻋﻠﻴﻪ. ﻭﻣﻦ ﱂ ﻳﺴﺘﺤﻲ ﻣﻦ ﺍﳊﻜﻤﺎﺀ ﻭﻳﻜﺮﻣﻬﻢ، ﻭﻳﻌﺮﻑ ﻓﻀﻠﻬﻢ ﻋﻠﻰ
ﻏﲑﻫﻢ، ﻭﻳﺼﻨﻬﻢ ﻋﻦ ﺍﳌﻮﺍﻗﻒ ﺍﻟﻮﺍﻫﻨﺔ، ﻭﻳﱰﻫﻬﻢ ﻋﻦ ﺍﳌﻮﺍﻃﻦ ﺍﻟﺮﺫﻟﺔ ﻛﺎﻥ ﳑﻦ ﺣﺮﻡ ﻋﻘﻠﻪ، ﻭﺧﺴﺮ ﺩﻧﻴﺎﻩ،
ﻭﻇﻠﻢ ﺍﳊﻜﻤﺎﺀ ﺣﻘﻮﻗﻬﻢ، ﻭﻋﺪ ﻣﻦ ﺍﳉﻬﺎﻝ. ﰒ ﺭﻓﻊ ﺭﺃﺳﻪ ﺇﱃ ﺑﻴﺪﺑﺎ؛ ﻭﻗﺎﻝ ﻟﻪ: ﻧﻈﺮﺕ ﺇﻟﻴﻚ ﻳﺎ ﺑﻴﺪﺑﺎ ﺳﺎﻛﺘﺎﹰ
ﻻ ﺗﻌﺮﺽ ﺣﺎﺟﺘﻚ، ﻭﻻ ﺗﺬﻛﺮ ﺑﻐﻴﺘﻚ، ﻓﻘﻠﺖ: ﺇﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺳﻜﺘﻪ ﻫﻴﺒﺔﹲ ﺳﺎﻭﺭﺗﻪ ﺃﻭ ﺣﲑﺓﹲ ﺃﺩﺭﻛﺘﻪ؛ ﻭﺗﺄﻣﻠﻚ ﻋﻨﺪ
ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﻃﻮﻝ ﻭﻗﻮﻓﻚ، ﻭﻗﻠﺖ: ﻟﻚ ﻳﻜﻦ ﻟﺒﻴﺪﺑﺎ ﺃﻥ ﻳﻄﺮﻗﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻏﲑ ﻋﺎﺩﺓٍ ﻋﻦ ﺳﺒﺐ ﺩﺧﻮﻟﻪ؛ ﻓﺈﻥ ﱂ ﻳﻜﻦ
ﻣﻦ ﺿﻴﻢٍ ﻧﺎﻟﻪ، ﻛﻨﺖ ﺃﻭﱃ ﻣﻦ ﺃﺧﺬ ﺑﻴﺪﻩ ﻭﺳﺎﺭﻉ ﰲ ﺗﺸﺮﻳﻔﻪ، ﻭﺗﻘﺪﻡ ﰲ ﺍﻟﺒﻠﻮﻍ ﺇﱃ ﻣﺮﺍﺩﻩ ﻭﺇﻋﺰﺍﺯﻩ؛ ﻭﺇﻥ
ﻛﺎﻧﺖ ﺑﻐﻴﺘﻪ ﻏﺮﺿﺎﹰ ﻣﻦ ﺃﻏﺮﺍﺽ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺃﻣﺮﺕ ﺑﺈﺭﺿﺎﺋﻪ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻓﻴﻤﺎ ﺃﺣﺐ؛ ﻭﺇﻥ ﻳﻜﻦ ﻣﻦ ﺃﻣﺮ ﺍﳌﻠﻚ، ﻭﳑﺎ ﻻ
ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻳﺒﺬﻟﻮﻩ ﻣﻦ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ ﻭﻻ ﻳﻨﻘﺎﺩﻭﺍ ﺇﻟﻴﻪ ﻧﻈﺮﺕ ﰲ ﻗﺪﺭ ﻋﻘﻮﺑﺘﻪ؛ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻣﺜﻠﻪ ﱂ ﻳﻜﻦ ﻟﻴﺠﺘﺮﺉ ﻋﻠﻰ
ﺇﺩﺧﺎﻝ ﻧﻔﺴﻪ ﰲ ﺑﺎﺏ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺍﳌﻠﻮﻙ؛ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺷﻴﺌﺎﹰ ﻣﻦ ﺃﻣﻮﺭ ﺍﻟﺮﻋﻴﺔ ﻳﻘﺼﺪ ﻓﻴﻪ ﺃﱐ ﺃﺻﺮﻑ ﻋﻨﺎﻳﱵ ﺇﻟﻴﻬﻢ،
ﻧﻈﺮﺕ ﻣﺎ ﻫﻮ؛ ﻓﺈﻥ ﺍﳊﻜﻤﺎﺀ ﻻ ﻳﺸﲑﻭﻥ ﺇﻻ ﺑﺎﳋﲑ، ﻭﺍﳉﻬﺎﻝ ﻳﺸﲑﻭﻥ ﺑﻀﺪﻩ. ﻭﺃﻧﺎ ﻗﺪ ﻓﺴﺤﺖ ﻟﻚ ﰲ
ﺍﻟﻜﻼﻡ. ﻓﻠﻤﺎ ﲰﻊ ﺑﻴﺪﺑﺎ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﳌﻠﻚ ﺃﻓﺮﺥ ﺭﻭﻋﻪ ؛ ﻭﺳﺮﻯ ﻋﻨﻪ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻭﻗﻊ ﰲ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﻦ ﺧﻮﻓﻪ ﻭﻛﻔﺮ ﻟﻪ
ﻭﺳﺠﺪ؛ ﰒ ﻗﺎﻡ ﺑﲔ ﻳﺪﻳﻪ ﻭﻗﺎﻝ: ﺃﻭﻝ ﻣﺎ ﺃﻗﻮﻝ ﻟﻚ ﺃﺳﺄﻝ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﺑﻘﺎﺀ ﺍﳌﻠﻚ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺑﺪ، ﻭﺩﻭﺍﻡ ﻣﻠﻜﻪ ﻋﻠﻰ
ﺍﻷﻣﺪ: ﻷﻥ ﺍﳌﻠﻚ ﻗﺪ ﻣﻨﺤﲏ ﰲ ﻣﻘﺎﻣﻲ ﻫﺬﺍ ﳏﻼﹰ ﺟﻌﻠﻪ ﺷﺮﻓﺎﹰ ﱄ ﻋﻠﻰ ﲨﻴﻊ ﻣﻦ ﺑﻌﺪﻱ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ؛ ﻭﺫﻛﺮﺍﹰ
ﺑﺎﻗﻴﺎﹰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻫﺮ ﻋﻨﺪ ﺍﳊﻜﻤﺎﺀ. ﰒ ﺃﻗﺒﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻠﻚ ﺑﻮﺟﻬﻪ، ﻣﺴﺘﺒﺸﺮﺍﹰ ﺑﻪ ﻓﺮﺣﺎﹰ ﲟﺎ ﺑﺪﺍ ﻟﻪ ﻣﻨﻪ، ﻭﻗﺎﻝ: ﻗﺪ
ﻋﻄﻒ ﺍﳌﻠﻚ ﻋﻠﻲ ﺑﻜﺮﻣﻪ ﻭﺇﺣﺴﺎﻧﻪ. ﻭﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺩﻋﺎﱐ ﺇﱃ ﺍﻟﺪﺧﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻠﻚ، ﻭﲪﻠﲏ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺨﺎﻃﺮﺓ
ﻟﻜﻼﻣﻪ، ﻭﺍﻹﻗﺪﺍﻡ ﻋﻠﻴﻪ، ﻧﺼﻴﺤﺔﹲ ﺍﺧﺘﺼﺼﺘﻪ ﺎ ﺩﻭﻥ ﻏﲑﻩ. ﻭﺳﻴﻌﻠﻢ ﻣﻦ ﻳﺘﺼﻞ ﺑﻪ ﺫﻟﻚ ﺃﱐ ﱂ ﺃﻗﺼﺮ ﻋﻦ ﻏﺎﻳﺔٍ
ﻓﻴﻤﺎ ﳚﺐ ﻟﻠﻤﻮﱃ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﻜﻤﺎﺀ. ﻓﺈﻥ ﻓﺴﺢ ﰲ ﻛﻼﻣﻲ ﻭﻭﻋﺎﻩ ﻋﲏ، ﻓﻬﻮ ﺣﻘﻴﻖ ﺑﺬﻟﻚ ﻭﻣﺎ ﻳﺮﺍﻩ؛ ﻭﺇﻥ ﻫﻮ
ﺃﻟﻘﺎﻩ، ﻓﻘﺪ ﺑﻠﻐﺖ ﻣﺎ ﻳﻠﺰﻣﲏ ﻭﺧﺮﺟﺖ ﻣﻦ ﻟﻮﻡ ﻳﻠﺤﻘﲏ.

ﻗﺎﻝ ﺍﳌﻠﻚ ﺑﻴﺪﺑﺎ ﺗﻜﻠﻢ ﻛﻴﻒ ﺷﺌﺖ: ﻓﺈﻧﲏ ﻣﺼﻎٍ ﺇﻟﻴﻚ، ﻭﻣﻘﺒﻞ ﻋﻠﻴﻚ، ﻭﺳﺎﻣﻊ ﻣﻨﻚ، ﺣﱴ ﺃﺳﺘﻔﺮﻍ ﻣﺎ ﻋﻨﺪﻙ
ﺇﱃ ﺁﺧﺮﻩ، ﻭﺃﺟﺎﺯﻳﻚ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﲟﺎ ﺃﻧﺖ ﺃﻫﻠﻪ. ﻗﺎﻝ ﺑﻴﺪﺑﺎ: ﺇﱐ ﻭﺟﺪﺕ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﺍﻟﱵ ﺍﺧﺘﺺ ﺎ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻣﻦ
ﺑﲔ ﺳﺎﺋﺮ ﺍﳊﻴﻮﺍﻧﺎﺕ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﺃﺷﻴﺎﺀ، ﻭﻫﻲ ﲨﺎﻉ ﻣﺎ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﱂ، ﻭﻫﻲ ﺍﳊﻜﻤﺔ ﻭﺍﻟﻌﻔﺔ ﻭﺍﻟﻌﻘﻞ ﻭﺍﻟﻌﺪﻝ. ﻭﺍﻟﻌﻠﻢ
ﻭﺍﻷﺩﺏ ﻭﺍﻟﺮﻭﻳﺔ ﺩﺍﺧﻠﺔﹲ ﰲ ﺑﺎﺏ ﺍﳊﻜﻤﺔ. ﻭﺍﳊﻠﻢ ﻭﺍﻟﺼﱪ ﻭﺍﻟﻮﻗﺎﺭ ﺩﺍﺧﻠﺔﹲ ﰲ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﻌﻘﻞ. ﻭﺍﳊﻴﺎﺀ ﻭﺍﻟﻜﺮﻡ
ﻭﺍﻟﺼﻴﺎﻧﺔ ﻭﺍﻷﻧﻔﺔ ﺩﺍﺧﻠﺔﹲ ﰲ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﻌﻔﺔ. ﻭﺍﻟﺼﺪﻕ ﻭﺍﻹﺣﺴﺎﻥ ﻭﺍﳌﺮﺍﻗﺒﺔ ﻭﺣﺴﻦ ﺍﳋﻠﻖ ﺩﺍﺧﻠﺔﹲ ﰲ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﻌﺪﻝ.
ﻭﻫﺬﻩ ﻫﻲ ﺍﶈﺎﺳﻦ، ﻭﺃﺿﺪﺍﺩﻫﺎ ﻫﻲ ﺍﳌﺴﺎﻭﺉ. ﻓﻤﱴ ﻛﻤﻠﺖ ﻫﺬﻩ ﰲ ﻭﺍﺣﺪٍ ﱂ ﲣﺮﺟﻪ ﺍﻟﺰﻳﺎﺩﺓ ﰲ ﻧﻌﻤﺔٍ ﺇﱃ
ﺳﻮﺀ ﺍﳊﻆ ﻣﻦ ﺩﻧﻴﺎﻩ ﻭﻻ ﺇﱃ ﻧﻘﺺٍ ﰲ ﻋﻘﺒﺎﻩ، ﻭﱂ ﻳﺘﺄﺳﻒ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﱂ ﻳﻌﻦ ﺍﻟﺘﻮﻓﻴﻖ ﺑﺒﻘﺎﺋﻪ، ﻭﱂ ﳛﺰﻧﻪ ﻣﺎ ﲡﺮﻱ 7 ﻛﻠﻴﻠﺔ ﻭﺩﻣﻨﺔ-ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻤﻘﻔﻊ
ﺑﻪ ﺍﳌﻘﺎﺩﻳﺮ ﰲ ﻣﻠﻜﻪ، ﻭﻟﻚ ﻳﺪﻫﺶ ﻋﻨﺪ ﻣﻜﺮﻭﻩٍ. ﻓﺎﳊﻜﻤﺔ ﻛﱰﹲ ﻻ ﻳﻔﲎ ﻋﻠﻰ ﺇﻧﻔﺎﻕٍ، ﻭﺫﺧﲑﺓﹲ ﻻ ﻳﻀﺮﺏ ﳍﺎ
ﺑﺎﻹﻣﻼﻕ ، ﻭﺣﻠﺔ ﻻ ﲣﻠﻖ ﺟﺪﻫﺎ، ﻭﻟﺬﺓﹲ ﻻ ﺗﻨﺼﺮﻡ ﻣﺪﺎ. ﻭﻟﺌﻦ ﻛﻨﺖ ﻋﻨﺪ ﻣﻘﺎﻣﻲ ﺑﲔ ﻳﺪﻱ ﺍﳌﻠﻚ ﺃﻣﺴﻜﺖ
ﻋﻦ ﺍﺑﺘﺪﺍﺋﻪ ﺑﺎﻟﻜﻼﻡ، ﻭﺇﻥ ﺫﻟﻚ ﱂ ﻳﻜﻦ ﻣﲏ ﺇﻻ ﳍﻴﺒﺘﻪ ﻭﺍﻹﺟﻼﻝ ﻟﻪ. ﻭﻟﻌﻤﺮﻱ ﺇﻥ ﺍﳌﻠﻮﻙ ﻷﻫﻞﹲ ﺃﻥ ﻳﻬﺎﺑﻮﺍ؛ ﻻ
ﺳﻴﻤﺎ ﻣﻦ ﻫﻮ ﰲ ﺍﳌﱰﻟﺔ ﺍﻟﱵ ﺟﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﳌﻠﻚ ﻋﻦ ﻣﻨﺎﺯﻝ ﺍﳌﻠﻮﻙ ﻗﺒﻠﻪ. ﻭﻗﺪ ﻗﺎﻟﺖ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ: ﺍﻟﺰﻡ ﺍﻟﺴﻜﻮﺕ؛ ﻓﺈﻥ
ﻓﻴﻪ ﺳﻼﻣﺔﹰ؛ ﻭﲡﻨﺐ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﻟﻔﺎﺭﻍ؛ ﻓﺈﻥ ﻋﺎﻗﺒﺘﻪ ﺍﻟﻨﺪﺍﻣﺔ. ﻭﺣﻜﻲ ﺃﻥ ﺃﺭﺑﻌﺔﹰ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺿﻤﻬﻢ ﳎﻠﺲ ﺍﳌﻠﻚ،
ﻓﻘﺎﻝ ﳍﻢ: ﻟﻴﺘﻜﻠﻢ ﻛﻞﹲ ﺑﻜﻼﻡ ﻳﻜﻮﻥ ﺃﺻﻼﹰ ﻟﻸﺩﺏ. ﻓﻘﺎﻝ ﺃﺣﺪﻫﻢ: ﺃﻓﻀﻞ ﺧﻠﺔ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﺴﻜﻮﺕ. ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻟﺜﺎﱐ:
ﺇﻥ ﻣﻦ ﺍﻧﻔﻊ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﻟﻺﻧﺴﺎﻥ ﺃﻥ ﻳﻌﺮﻑ ﻗﺪﺭ ﻣﱰﻟﺘﻪ ﻣﻦ ﻋﻘﻠﻪ. ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ: ﺃﻧﻔﻊ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﻟﻺﻧﺴﺎﻥ ﺃﻻ ﻳﺘﻜﻠﻢ
ﲟﺎ ﻻ ﻳﻌﻨﻴﻪ. ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ: ﺃﺭﻭﺡ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﺘﺴﻠﻴﻢ ﻟﻠﻤﻘﺎﺩﻳﺮ. ﻭﺍﺟﺘﻤﻊ ﰲ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﻣﻠﻮﻙ
ﺍﻷﻗﺎﻟﻴﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﲔ ﻭﺍﳍﻨﺪ ﻭﻓﺎﺭﺱ ﻭﺍﻟﺮﻭﻡ؛ ﻭﻗﺎﻟﻮﺍ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻳﺘﻜﻠﻢ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪٍ ﻣﻨﺎ ﺑﻜﻠﻤﺔ ﺗﺪﻭﻥ ﻋﻨﻪ ﻋﻠﻰ ﻏﺎﺑﺮ
ﺍﻟﺪﻫﺮ. ﻓﻘﺎﻝ ﻣﻠﻚ ﺍﻟﺼﲔ: ﺃﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﱂ ﺃﻗﻞ ﺃﻗﺪﺭ ﻣﲏ ﻋﻠﻰ ﺭﺩ ﻣﺎ ﻗﻠﺖ. ﻭﻗﺎﻝ ﻣﻠﻚ ﺍﳍﻨﺪ: ﻋﺠﺒﺖ ﳌﻦ
ﻳﺘﻜﻠﻢ ﺑﺎﻟﻜﻠﻤﺔ ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻪ ﱂ ﺗﻨﻔﻌﻪ، ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻭﺑﻘﺘﻪ . ﻭﻗﺎﻝ ﻣﻠﻚ ﻓﺎﺭﺱ: ﺃﻧﺎ ﺇﺫﺍ ﺗﻜﻠﻤﺖ ﺑﺎﻟﻜﻠﻤﺔ
ﻣﻠﻜﺘﲏ، ﻭﺇﺫﺍ ﱂ ﺃﺗﻜﻠﻢ ﺎ ﻣﻠﻜﺘﻬﺎ. ﻭﻗﺎﻝ ﻣﻠﻚ ﺍﻟﺮﻭﻡ: ﻣﺎ ﻧﺪﻣﺖ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﱂ ﺃﺗﻜﻠﻢ ﺑﻪ ﻗﻂ، ﻭﻟﻘﺪ ﻧﺪﻣﺖ ﻋﻠﻰ
ﻣﺎ ﺗﻜﻠﻤﺖ ﺑﻪ ﻛﺜﲑﺍﹰ. ﻭﺍﻟﺴﻜﻮﺕ ﻋﻨﺪ ﺍﳌﻠﻮﻙ ﺃﺣﺴﻦ ﻣﻦ ﺍﳍﺬﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﺮﺟﻊ ﻣﻨﻪ ﺇﱃ ﻧﻔﻊ. ﻭﺃﻓﻀﻞ ﻣﺎ
ﺍﺳﺘﻈﻞ ﺑﻪ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻟﺴﺎﻧﻪ. ﻏﲑ ﺃﻥ ﺍﳌﻠﻚ، ﺃﻃﺎﻝ ﺍﷲ ﻣﺪﺗﻪ، ﳌﺎ ﻓﺴﺢ ﱄ ﰲ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻭﺃﻭﺳﻊ ﱄ ﻓﻴﻪ؛ ﻛﺎﻥ ﺃﻭﱃ
ﻣﺎ ﺃﺑﺪﺃ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﻏﺮﺿﻲ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﲦﺮﺓ ﺫﻟﻚ ﻟﻪ ﺩﻭﱐ؛ ﻭﺃﻥ ﺍﺧﺘﺼﻪ ﺑﺎﻟﻔﺎﺋﺪﺓ ﻗﺒﻠﻲ. ﻋﻠﻰ ﺃﻥ
ﺍﻟﻌﻘﱮ ﻫﻲ ﻣﺎ ﺃﻗﺼﺪ ﰲ ﻛﻼﻣﻲ ﻟﻪ؛ ﻭﺇﳕﺎ ﻧﻔﻌﻪ ﻭﺷﺮﻓﻪ ﺭﺍﺟﻊ ﺇﻟﻴﻪ؛ ﻭﺃﻛﻮﻥ ﺃﻧﺎ ﻗﺪ ﻗﻀﻴﺖ ﻓﺮﺿﺎﹰ ﻭﺟﺐ ﻋﻠﻲ
ﻓﺄﻗﻮﻝ: ﺃﻳﻬﺎ ﺍﳌﻠﻚ ﺇﻧﻚ ﰲ ﻣﻨﺎﺯﻝ ﺁﺑﺎﺋﻚ ﻭﺃﺟﺪﺍﺩﻙ ﻣﻦ ﺍﳉﺒﺎﺑﺮﺓ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺃﺳﺴﻮﺍ ﺍﳌﻠﻚ ﻗﺒﻠﻚ، ﻭﺷﻴﺪﻭﻩ ﺩﻭﻧﻚ،
ﻭﺑﻨﻮﺍ ﺍﻟﻘﻼﻉ ﻭﺍﳊﺼﻮﻥ، ﻭﻣﻬﺪﻭﺍ ﺍﻟﺒﻼﺩ، ﻭﻗﺎﺩﻭﺍ ﺍﳉﻴﻮﺵ؛ ﻭﺍﺳﺘﺠﺎﺷﻮﺍ ﺍﻟﻌﺪﺓ ، ﻭﻃﺎﻟﺖ ﱂ ﺍﳌﺪﺓ؛ ﻭﺍﺳﺘﻜﺜﺮﻭﺍ
ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻼﺡ ﻭﺍﻟﻜﺮﺍﻉ؛ ﻭﻋﺎﺷﻮﺍ ﺍﻟﺪﻫﻮﺭ، ﰲ ﺍﻟﻐﺒﻄﺔ ﻭﺍﻟﺴﺮﻭﺭ؛ ﻓﻠﻢ ﳝﻨﻌﻬﻢ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﻛﺘﺴﺎﺏ ﲨﻴﻞ ﺍﻟﺬﻛﺮ،
ﻭﻻ ﻗﻄﻌﻬﻢ ﻋﻦ ﺍﻏﺘﻨﺎﻡ ﺍﻟﺸﻜﺮ؛ ﻭﻻ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﺍﻹﺣﺴﺎﻥ ﺇﱃ ﻣﻦ ﺧﻮﻟﻮﻩ، ﻭﺍﻹﺭﻓﺎﻕ ﲟﻦ ﻭﻟﻮﻩ، ﻭﺣﺴﻦ ﺍﻟﺴﲑﺓ
ﻓﻴﻤﺎ ﺗﻘﻠﺪﻭﻩ؛ ﻣﻊ ﻋﻈﻢ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﻏﺮﺓ ﺍﳌﻠﻚ، ﻭﺳﻜﺮﺓ ﺍﻻﻗﺘﺪﺍﺭ. ﻭﺇﻧﻚ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﳌﻠﻚ ﺍﻟﺴﻌﻴﺪ ﺟﺪﺓ،
ﺍﻟﻄﺎﻟﻊ ﻛﻮﻛﺐ ﺳﻌﺪﻩ، ﻗﺪ ﻭﺭﺛﺖ ﺃﺭﺿﻬﻢ ﻭﺩﻳﺎﺭﻫﻢ ﻭﺃﻣﻮﺍﳍﻢ ﻭﻣﻨﺎﺯﳍﻢ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﺪﻢ؛ ﻓﺄﻗﻤﺖ ﻓﻴﻤﺎ
ﺧﻮﻟﺖ ﻣﻦ ﺍﳌﻠﻚ ﻭﻭﺭﺛﺖ ﻣﻦ ﺍﻷﻣﻮﺍﻝ ﻭﺍﳉﻨﻮﺩ؛ ﻓﻠﻢ ﺗﻘﻢ ﰲ ﺫﻟﻚ ﲝﻖ ﻣﺎ ﳚﺐ ﻋﻠﻴﻚ؛ ﺑﻞ ﻃﻐﻴﺖ ﻭﺑﻐﻴﺖ
ﻭﻋﺘﻮﺕ ﻭﻋﻠﻮﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻋﻴﺔ، ﻭﺃﺳﺄﺕ ﺍﻟﺴﲑﺓ، ﻭﻋﻈﻤﺖ ﻣﻨﻚ ﺍﻟﺒﻠﻴﺔ. ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻷﻭﱃ ﻭﺍﻻﺷﺒﻪ ﺑﻚ ﺃﻥ ﺗﺴﻠﻚ
ﺳﺒﻴﻞ ﺃﺳﻼﻓﻚ، ﻭﺗﺘﺒﻊ ﺁﺛﺎﺭ ﺍﳌﻠﻮﻙ ﻗﺒﻠﻚ، ﻭﺗﻘﻔﻮ ﳏﺎﺳﻦ ﻣﺎ ﺃﺑﻘﻮﻩ ﻟﻚ، ﻭﺗﻘﻠﻊ ﻋﻤﺎ ﻋﺎﺭﻩ ﻻﺯﻡ ﻟﻚ، ﻭﺷﻴﻨﻪ
ﻭﺍﻗﻊ ﺑﻚ؛ ﲢﺴﻦ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺑﺮﻋﻴﺘﻚ، ﻭﺗﺴﻦ ﳍﻢ ﺳﻨﻦ ﺍﳋﲑ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺒﻘﻰ ﺑﻌﺪﻙ ﺿﺮﻩ، ﻭﻳﻌﻘﺒﻚ ﺍﳉﻤﻴﻞ ﻓﺨﺮﻩ؛
ﻭﻳﻜﻮﻥ ﺫﻟﻚ ﺃﺑﻘﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻼﻣﺔ ﻭﺃﺩﻭﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺳﺘﻘﺎﻣﺔ. ﻓﺈﻥ ﺍﳉﺎﻫﻞ ﺍﳌﻐﺘﺮ ﻣﻦ ﺍﺳﺘﻌﻤﻞ ﰲ ﺃﻣﻮﺭﻩ ﺍﻟﺒﻄﺮ 8 ﻛﻠﻴﻠﺔ ﻭﺩﻣﻨﺔ-ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻤﻘﻔﻊ
ﻭﺍﻷﻣﻨﻴﺔ، ﻭﺍﳊﺎﺯﻡ ﺍﻟﻠﺒﻴﺐ ﻣﻦ ﺳﺎﺱ ﺍﳌﻠﻚ ﺑﺎﳌﺪﺍﺭﺍﺓ ﻭﺍﻟﺮﻓﻖ؛ ﻓﺎﻧﻈﺮ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﳌﻠﻚ ﻣﺎ ﺃﻟﻘﻴﺖ ﺇﻟﻴﻚ، ﻭﻻ ﻳﺜﻘﻠﻦ
ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻴﻚ: ﻓﻠﻢ ﺃﺗﻜﻠﻢ ﺬﺍ ﺍﺑﺘﻐﺎﺀ ﻋﺮﺽٍ ﲡﺎﺯﻳﲏ ﺑﻪ، ﻭﻻ ﺍﻟﺘﻤﺎﺱ ﻣﻌﺮﻭﻑٍ ﺗﻜﺎﻓﺌﲏ ﺑﻪ؛ ﻭﻟﻜﲏ ﺃﺗﻴﺘﻚ ﻧﺎﺻﺤﺎﹰ
ﻣﺸﻔﻘﺎﹰ ﻋﻠﻴﻚ.

ﻓﻠﻤﺎ ﻓﺮﻍ ﻣﻨﻪ ﺑﻴﺪﺑﺎ ﻣﻦ ﻣﻘﺎﻟﺘﻪ، ﻭﻗﻀﻰ ﻣﻨﺎﺻﺤﺘﻪ، ﺃﻭﻏﺮ ﺻﺪﺭ ﺍﳌﻠﻚ ﻓﺄﻏﻠﻆ ﻟﻪ ﰲ ﺍﳉﻮﺍﺏ ﺍﺳﺘﺼﻐﺎﺭﺍﹰ ﻷﻣﺮﻩ؛
ﻭﻗﺎﻝ: ﻟﻘﺪ ﺗﻜﻠﻤﺖ ﺑﻜﻼﻡٍ ﻣﺎ ﻛﻨﺖ ﺃﻇﻦ ﺃﺣﺪﺍﹰ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﳑﻠﻜﱵ ﻳﺴﺘﻘﺒﻠﲏ ﲟﺜﻠﻪ، ﻭﻻ ﻳﻘﺪﻡ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺃﻗﺪﻣﺖ
ﻋﻠﻴﻪ. ﻓﻜﻴﻒ ﺃﻧﺖ ﻣﻊ ﺻﻐﺮ ﺷﺄﻧﻚ، ﻭﺿﻌﻒ ﻣﻨﺘﻚ ﻭﻋﺠﺰ ﻗﻮﺗﻚ؟ ﻭﻟﻘﺪ ﺃﻛﺜﺮﺕ ﺇﻋﺠﺎﰊ ﻣﻦ ﺇﻗﺪﺍﻣﻚ ﻋﻠﻲ،
ﻭﺗﺴﻠﻄﻚ ﺑﻠﺴﺎﻧﻚ ﻓﻴﻤﺎ ﺟﺎﻭﺯﺕ ﻓﻴﻪ ﺣﺪﻙ. ﻭﻣﺎ ﺃﺟﺪ ﺷﻴﺌﺎﹰ ﰲ ﺗﺄﺩﻳﺐ ﻏﲑﻙ ﺃﺑﻠﻎ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻨﻜﻴﻞ ﺑﻚ. ﻓﺬﻟﻚ
ﻋﱪﺓﹲ ﻭﻣﻮﻋﻈﺔﹲ ﻟﻜﻦ ﻋﺴﺎﻩ ﺃﻥ ﻳﺒﻠﻎ ﻭﻳﺮﻭﻡ ﻣﺎ ﺭﻣﺖ ﺃﻧﺖ ﻣﻦ ﺍﳌﻠﻮﻙ ﺇﺫﺍ ﺃﻭﺳﻌﻮﺍ ﳍﻢ ﰲ ﳎﺎﻟﺴﻬﻢ. ﰒ ﺃﻣﺮ ﺑﻪ ﺃﻥ
ﻳﻘﺘﻞ ﻭﻳﺼﻠﺐ. ﻓﻠﻤﺎ ﻣﻀﻮﺍ ﺑﻪ ﻓﻴﻤﺎ ﺃﻣﺮ، ﻓﻜﺮ ﻓﻴﻤﺎ ﺃﻣﺮ ﺑﻪ ﻓﺄﺣﺠﻢ ﻋﻨﻪ، ﰒ ﺃﻣﺮ ﲝﺒﺴﻪ ﻭﺗﻘﻴﻴﺪﻩ. ﻓﻠﻤﺎ ﺣﺒﺲ
ﺃﻧﻔﺬ ﰲ ﻃﻠﺐ ﺗﻼﻣﻴﺬﻩ ﻭﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﳚﺘﻤﻊ ﺇﻟﻴﻪ ﻓﻬﺮﺑﻮﺍ ﰲ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﻭﺍﻋﺘﺼﻤﻮﺍ ﲜﺰﺍﺋﺮ ﺍﻟﺒﺤﺎﺭ؛ ﻓﻤﻜﺚ ﺑﻴﺪﺑﺎ ﰲ
ﳏﺒﺴﻪ ﺃﻳﺎﻣﺎﹰ ﻻ ﻳﺴﺄﻝ ﺍﳌﻠﻚ ﻋﻨﻪ، ﻭﻻ ﻳﻠﺘﻔﺖ ﺇﻟﻴﻪ؛ ﻭﻻ ﳚﺴﺮ ﺃﺣﺪ ﺃﻥ ﻳﺬﻛﺮﻩ ﻋﻨﺪﻩ؛ ﺣﱴ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻟﻴﻠﺔﹲ ﻣﻦ
ﺍﻟﻠﻴﺎﱄ ﺳﻬﺪ ﺍﳌﻠﻚ ﺳﻬﺪﺍﹰ ﺷﺪﻳﺪﺍﹰ ؛ ﻓﻄﺎﻝ ﺳﻬﺪﻩ، ﻭﻣﺪ ﺇﱃ ﺍﻟﻔﻠﻚ ﺑﺼﺮﻩ؛ ﻭﺗﻔﻜﺮ ﰲ ﺗﻔﻠﻚ ﺍﻟﻔﻠﻚ ﻭﺣﺮﻛﺎﺕ
ﺍﻟﻜﻮﺍﻛﺐ، ﻓﺄﻏﺮﻕ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﻓﻴﻪ؛ ﻓﺴﻠﻚ ﺑﻪ ﺇﱃ ﺍﺳﺘﻨﺒﺎﻁ ﺷﻲﺀٍ ﻋﺮﺽ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺃﻣﻮﺭ ﺍﻟﻔﻠﻚ، ﻭﺍﳌﺴﺄﻟﺔ ﻋﻨﻪ. ﻓﺬﻛﺮ
ﻋﻨﺪ ﺫﻟﻚ ﺑﻴﺪﺑﺎ، ﻭﺗﻔﻜﺮ ﻓﻴﻤﺎ ﻛﻠﻤﻪ ﺑﻪ؛ ﻓﺄﺭﻋﻮﻯ ﻟﺬﻟﻚ. ﻭﻗﺎﻝ ﰲ ﻧﻔﺴﻪ: ﻟﻘﺪ ﺃﺳﺄﺕ ﻓﻴﻤﺎ ﺻﻨﻌﺖ ﺬﺍ
ﺍﻟﻔﻴﻠﺴﻮﻑ، ﻭﺿﻴﻌﺖ ﻭﺍﺟﺐ ﺣﻘﻪ؛ ﻭﲪﻠﲏ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺳﺮﻋﺔ ﺍﻟﻐﻀﺐ. ﻭﻗﺪ ﻗﺎﻟﺖ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ: ﺃﺭﺑﻌﺔﹲ ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ
ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﰲ ﺍﳌﻠﻮﻙ: ﺍﻟﻐﻀﺐ ﻓﺈﻧﻪ ﺃﺟﺪ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﻣﻘﺘﺎﹰ؛ ﻭﺍﻟﺒﺨﻞ ﻓﺈﻥ ﺻﺎﺣﺒﻪ ﻟﻴﺲ ﲟﻌﺬﻭﺭٍ ﻣﻊ ﺫﺍﺕ ﻳﺪﻩ؛
ﻭﺍﻟﻜﺬﺏ ﻓﺈﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻷﺣﺪٍ ﺃﻥ ﳚﺎﻭﺭﻩ؛ ﻭﺍﻟﻌﻨﻒ ﰲ ﺍﶈﺎﻭﺭﺓ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺴﻔﻪ ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺷﺄﺎ. ﻭﺇﱐ ﺃﰐ ﺇﱃ ﺭﺟﻞ
ﻧﺼﺢ ﱄ، ﻭﱂ ﻳﻜﻦ ﻣﺒﻠﻐﺎﹰ؛ ﻓﻌﺎﻣﻠﺘﻪ ﺑﻀﺪ ﻣﺎ ﻳﺴﺘﺤﻖ، ﻭﻛﺎﻓﺄﺗﻪ ﲞﻼﻑ ﻣﺎ ﻳﺴﺘﻮﺟﺐ. ﻭﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﺟﺰﺍﺀﻩ
ﻣﲏ؛ ﺑﻞ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﺃﻥ ﺃﲰﻊ ﻛﻼﻣﻪ، ﻭﺃﻧﻘﺎﺩ ﳌﺎ ﻳﺸﲑ ﺑﻪ. ﰒ ﺃﻧﻔﺬ ﰲ ﺳﺎﻋﺘﻪ ﻣﻦ ﻳﺄﺗﻴﻪ ﺑﻪ. ﻓﻠﻤﺎ ﻣﺜﻞ ﺑﲔ
ﻳﺪﻳﻪ ﻗﺎﻝ ﻟﻪ: ﻳﺎ ﺑﻴﺪﺑﺎ ﺃﻟﺴﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺼﺪﺕ ﺇﱃ ﺗﻘﺼﲑ ﳘﱵ، ﻭﻋﺠﺰﺕ ﺭﺃﻳﻲ ﰲ ﺳﲑﰐ ﲟﺎ ﺗﻜﻠﻤﺖ ﺑﻪ ﺁﻧﻔﺎﹰ؟
ﻗﺎﻝ ﻟﻪ ﺑﻴﺪﺑﺎ: ﺃﻳﻬﺎ ﺍﳌﻠﻚ ﺍﻟﻨﺎﺻﺢ ﺍﻟﺸﻔﻴﻖ، ﻭﺍﻟﺼﺎﺩﻕ ﺍﻟﺮﻓﻴﻖ، ﺇﳕﺎ ﻧﺒﺄﺗﻚ ﲟﺎ ﻓﻴﻪ ﺻﻼﺡ ﻟﻚ ﻭﻟﺮﻋﻴﺘﻚ، ﻭﺩﻭﺍﻡ
ﻣﻠﻜﻚ ﻟﻚ، ﻗﺎﻝ ﻟﻪ ﺍﳌﻠﻚ: ﻳﺎ ﺑﻴﺪﺑﺎ ﺃﻋﺪ ﻋﻠﻲ ﻛﻼﻣﻚ ﻛﻠﻪ، ﻭﻻ ﺗﺪﻉ ﻣﻨﻪ ﺣﺮﻓﺎﹰ ﺇﻻ ﺟﺌﺖ ﺑﻪ. ﻓﺠﻌﻞ ﺑﻴﺪﺑﺎ
ﻳﻨﺜﺮ ﻛﻼﻣﻪ، ﻭﺍﳌﻠﻚ ﻣﺼﻎٍ ﺇﻟﻴﻪ. ﻭﺟﻌﻞ ﺩﺑﺸﻠﻴﻢ ﻛﻠﻤﺎ ﲰﻊ ﻣﻨﻪ ﺷﻴﺌﺎﹰ ﻳﻨﻜﺖ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺽ ﺑﺸﻲﺀٍ ﻛﺎﻥ ﰲ ﻳﺪﻩ.
ﰒ ﺭﻓﻊ ﻃﺮﻓﻪ ﺇﱃ ﺑﻴﺪﺑﺎ، ﻭﺃﻣﺮﻩ ﺑﺎﳉﻠﻮﺱ. ﻭﻗﺎﻝ ﻟﻪ: ﻳﺎ ﺑﻴﺪﺑﺎ، ﺇﱐ ﻗﺪ ﺍﺳﺘﻌﺬﺑﺖ ﻛﻼﻣﻚ ﻭﺣﺴﻦ ﻣﻮﻗﻌﻪ ﻣﻦ
ﻗﻠﱯ. ﻭﺃﻧﺎ ﻧﺎﻇﺮ ﰲ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺷﺮﺕ ﺑﻪ، ﻭﻋﺎﻣﻞ ﲟﺎ ﺃﻣﺮﺕ. ﰒ ﺃﻣﺮ ﺑﻘﻴﻮﺩﻩ ﻓﺤﻠﺖ. ﻭﺃﻟﻘﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﻟﺒﺎﺳﻪ، ﻭﺗﻠﻘﺎﻩ
ﺑﺎﻟﻘﺒﻮﻝ. ﻓﻘﺎﻝ ﺑﻴﺪﺑﺎ: ﻳﺎ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﳌﻠﻚ، ﺇﻥ ﰲ ﺩﻭﻥ ﻣﺎ ﻛﻠﻤﺘﻚ ﺑﻪ ﻴﺔﹰ ﳌﺜﻠﻚ. ﻗﺎﻝ: ﺻﺪﻗﺖ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﳊﻜﻴﻢ 9 ﻛﻠﻴﻠﺔ ﻭﺩﻣﻨﺔ-ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻤﻘﻔﻊ
ﺍﻟﻔﺎﺿﻞ. ﻭﻗﺪ ﻭﻟﻴﺘﻚ ﻣﻦ ﳎﻠﺴﻲ ﻫﺬﺍ ﺇﱃ ﲨﻴﻊ ﺃﻗﺎﺻﻲ ﳑﻠﻜﱵ. ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ: ﺃﻳﻬﺎ ﺍﳌﻠﻚ ﺃﻋﻔﲏ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﻣﺮ:
ﻓﺈﱐ ﻏﲑ ﻣﻀﻄﻠﻊٍ ﺑﺘﻘﻮﳝﻪ ﺇﻻ ﺑﻚ. ﻓﺄﻋﻔﺎﻩ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ. ﻓﻠﻤﺎ ﺍﻧﺼﺮﻑ، ﻋﻠﻢ ﺃﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻓﻌﻠﻪ ﻟﻴﺲ ﺑﺮﺃﻱ، ﻓﺒﺚ
ﻓﺮﺩﻩ. ﻭﻗﺎﻝ: ﺇﱐ ﻓﻜﺮﺕ ﰲ ﺇﻋﻔﺎﺋﻚ ﳑﺎ ﻋﺮﺿﺘﻪ ﻋﻠﻴﻚ ﻓﻮﺟﺪﺗﻪ ﻻ ﻳﻘﻮﻡ ﺇﻻ ﺑﻚ، ﻭﻻ ﻳﻨﻬﺾ ﺑﻪ ﻏﲑﻙ، ﻭﻻ
ﻳﻀﻄﻠﻊ ﺑﻪ ﺳﻮﺍﻙ. ﻓﻼ ﲣﺎﻟﻔﲏ ﻓﻴﻪ. ﻓﺄﺟﺎﺑﻪ ﺑﻴﺪﺑﺎ ﺇﱃ ﺫﻟﻚ.
ﻭﻛﺎﻥ ﻋﺎﺩﺓ ﻣﻠﻮﻙ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﺇﺫﺍ ﺍﺳﺘﻮﺯﺭﻭﺍ ﻭﺯﻳﺮﺍﹰ ﺃﻥ ﻳﻌﻘﺪﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻪ ﺗﺎﺟﺎﹰ، ﻭﻳﺮﻛﺐ ﰲ ﺃﻫﻞ ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ،
ﻭﻳﻄﺎﻑ ﺑﻪ ﰲ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ. ﻓﺄﻣﺮ ﺍﳌﻠﻚ ﺃﻥ ﻳﻔﻌﻞ ﺑﺒﻴﺪﺑﺎ ﺫﻟﻚ. ﻓﻮﺿﻊ ﺍﻟﺘﺎﺝ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻪ، ﻭﺭﻛﺐ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ ﻭﺭﺟﻊ
ﻓﺠﻠﺲ ﲟﺠﻠﺲ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﻭﺍﻹﻧﺼﺎﻑ: ﻳﺄﺧﺬ ﻟﻠﺪﱐ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺮﻳﻒ، ﻭﻳﺴﺎﻭﻱ ﺑﲔ ﺍﻟﻘﻮﻱ ﻭﺍﻟﻀﻌﻴﻒ؛ ﻭﺭﺩ ﺍﳌﻈﺎﱂ،
ﻭﻭﺿﻊ ﺳﻨﻦ ﺍﻟﻌﺪﻝ، ﻭﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻄﺎﺀ ﻭﺍﻟﺒﺬﻝ. ﻭﺍﺗﺼﻞ ﺍﳋﱪ ﺑﺘﻼﻣﻴﺬﻩ ﻓﺠﺎﺀﻭﻩ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻣﻜﺎﻥ، ﻓﺮﺣﲔ ﲟﺎ
ﺟﺪﺩ ﺍﷲ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ﺭﺃﻱ ﺍﳌﻠﻚ ﰲ ﺑﻴﺪﺑﺎ؛ ﻭﺷﻜﺮﻭﺍ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﻋﻠﻰ ﺗﻮﻓﻴﻖ ﺑﻴﺪﺑﺎ ﰲ ﺇﺯﺍﻟﺔ ﺩﺑﺸﻠﻴﻢ ﻋﻤﺎ ﻛﺎﻥ
ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺳﻮﺀ ﺍﻟﺴﲑﺓ، ﻭﺍﲣﺬﻭﺍ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻋﻴﺪﺍﹰ ﻳﻌﻴﺪﻭﻥ ﻓﻴﻪ ﻓﻬﻮ ﺇﱃ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻋﻴﺪ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﰲ ﺑﻼﺩ ﺍﳍﻨﺪ.

ﰒ ﺃﻥ ﺑﻴﺪﺑﺎ ﳌﺎ ﺃﺧﻠﻰ ﻓﻜﺮﻩ ﻣﻦ ﺍﺷﺘﻐﺎﻟﻪ ﺑﺪﺑﺸﻠﻴﻢ، ﺗﻔﺮﻍ ﻟﻮﺿﻊ ﻛﺘﺐ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻭﻧﺸﻂ ﳍﺎ، ﻓﻌﻤﻞ ﻛﺘﺒﺎﹰ ﻛﺜﲑﺓﹰ،
ﻓﻴﻬﺎ ﺩﻗﺎﺋﻖ ﺍﳊﻴﻞ. ﻭﻣﻀﻰ ﺍﳌﻠﻚ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺭﺳﻢ ﻟﻪ ﺑﻴﺪﺑﺎ ﻣﻦ ﺣﺴﻦ ﺍﻟﺴﲑﺓ ﻭﺍﻟﻌﺪﻝ ﰲ ﺍﻟﺮﻋﻴﺔ. ﻓﺮﻏﺒﺖ ﺇﻟﻴﻪ
ﺍﳌﻠﻮﻙ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﰲ ﻧﻮﺍﺣﻴﻪ، ﻭﺍﻧﻘﺎﺩﺕ ﻟﻪ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﺳﺘﻮﺍﺋﻬﺎ. ﻭﻓﺮﺣﺖ ﺑﻪ ﺭﻋﻴﺘﻪ ﻭﺃﻫﻞ ﳑﻠﻜﺘﻪ. ﰒ ﺃﻥ
ﺑﻴﺪﺑﺎ ﲨﻊ ﺗﻼﻣﻴﺬﻩ ﻓﺄﺣﺴﻦ ﺻﻠﺘﻬﻢ، ﻭﻭﻋﺪﻫﻢ ﻭﻋﺪﺍﹰ ﲨﻴﻼﹰ. ﻭﻗﺎﻝ ﳍﻢ: ﻟﺴﺖ ﺃﺷﻚ ﺃﻧﻪ ﻭﻗﻊ ﰲ ﻧﻔﻮﺳﻜﻢ
ﻭﻗﺖ ﺩﺧﻮﱄ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻠﻚ ﺃﻥ ﻗﻠﺘﻢ: ﺇﻥ ﺑﻴﺪﺑﺎ ﻗﺪ ﺿﺎﻋﺖ ﺣﻜﻤﺘﻪ، ﻭﺑﻄﻠﺖ ﻓﻜﺮﺗﻪ: ﺇﺫ ﻋﺰﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﺧﻮﻝ ﻋﻠﻰ
ﻫﺬﺍ ﺍﳉﺒﺎﺭ ﺍﻟﻄﺎﻏﻲ. ﻓﻘﺪ ﻋﻠﻤﺘﻢ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺭﺃﻳﻲ ﻭﺻﺤﺔ ﻓﻜﺮﻱ. ﻭﺇﱐ ﱂ ﺁﺗﻪ ﺟﻬﻼﹰ ﺑﻪ: ﻷﱐ ﻛﻨﺖ ﺃﲰﻊ ﻣﻦ
ﺍﳊﻜﻤﺎﺀ ﻗﺒﻠﻲ ﺗﻘﻮﻝ: ﺇﻥ ﺍﳌﻠﻮﻙ ﳍﺎ ﺳﻮﺭﺓﹲ ﻛﺴﻮﺭﺓ ﺍﻟﺸﺮﺍﺏ: ﻓﺎﳌﻠﻮﻙ ﻻ ﺗﻔﻴﻖ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻮﺭﺓ ﺇﻻ ﲟﻮﺍﻋﻆ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ
ﻭﺃﺩﺏ ﺍﳊﻜﻤﺎﺀ. ﻭﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻠﻮﻙ ﺃﻥ ﻳﺘﻌﻈﻮﺍ ﲟﻮﺍﻋﻆ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ. ﻭﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺗﻘﻮﱘ ﺍﳌﻠﻮﻙ
ﺑﺄﻟﺴﻨﺘﻬﺎ، ﻭﺗﺄﺩﻳﺒﻬﺎ ﲝﻜﻤﺘﻬﺎ، ﻭﺇﻇﻬﺎﺭ ﺍﳊﺠﺔ ﺍﻟﺒﻴﻨﺔ ﺍﻟﻼﺯﻣﺔ ﳍﻢ: ﻟﲑﺗﺪﻋﻮﺍ ﻋﻤﺎ ﻫﻢ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﻻﻋﻮﺟﺎﺝ
ﻭﺍﳋﺮﻭﺝ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﺪﻝ. ﻓﻮﺟﺪﺕ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﺖ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻓﺮﺿﺎﹰ ﻭﺍﺟﺒﺎﹰ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﻜﻤﺎﺀ ﳌﻠﻮﻛﻬﻢ ﻟﻴﻮﻗﻈﻮﻫﻢ ﻣﻦ ﺭﻗﺪﻢ؛
ﻛﺎﻟﻄﺒﻴﺐ ﺍﻟﺬﻱ ﳚﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﰲ ﺻﻨﺎﻋﺘﻪ ﺣﻔﻆ ﺍﻷﺟﺴﺎﺩ ﻋﻠﻰ ﺻﺤﺘﻬﺎ ﺃﻭ ﺭﺩﻫﺎ ﺇﱃ ﺍﻟﺼﺤﺔ. ﻓﻜﺮﻫﺖ ﺃﻥ ﳝﻮﺕ
ﺃﻭ ﺃﻣﻮﺕ ﻭﻣﺎ ﻳﺒﻘﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺽ ﻏﻼ ﻣﻦ ﻳﻘﻮﻝ: ﺇﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﺑﻴﺪﺑﺎ ﺍﻟﻔﻴﻠﺴﻮﻑ ﰲ ﺯﻣﺎﻥ ﺩﺑﺸﻠﻴﻢ ﺍﻟﻄﺎﻏﻲ ﻓﻠﻢ
ﻳﺮﺩﻩ ﻋﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ. ﻓﺈﻥ ﻗﺎﻝ ﻗﺎﺋﻞ: ﺇﻧﻪ ﱂ ﳝﻜﻨﻪ ﻛﻼﻣﻪ ﺧﻮﻓﺎﹰ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ، ﻗﺎﻟﻮﺍ: ﻛﺎﻥ ﺍﳍﺮﺏ ﻣﻨﻪ ﻭﻣﻦ
ﺟﻮﺍﺭﻩ ﺃﻭﱃ ﺑﻪ؛ ﻭﺍﻻﻧﺰﻋﺎﺝ ﻋﻦ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﺷﺪﻳﺪ؛ ﻓﺮﺃﻳﺖ ﺃﻥ ﺃﺟﻮﺩ ﲝﻴﺎﰐ؛ ﻓﺄﻛﻮﻥ ﻗﺪ ﺃﺗﻴﺖ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﲏ ﻭﺑﲔ
ﺍﳊﻜﻤﺎﺀ ﺑﻌﺪﻱ ﻋﺬﺭﺍﹰ. ﻓﺤﻤﻠﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻐﺮﻳﺮ ﺃﻭ ﺍﻟﻈﻔﺮ ﲟﺎ ﺃﺭﻳﺪﻩ. ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻣﺎ ﺃﻧﺘﻢ ﻣﻌﺎﻳﻨﻮﻩ: ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻘﺎﻝ
ﰲ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﻣﺜﺎﻝ: ﺇﻥ ﱂ ﻳﺒﻠﻎ ﺃﺣﺪ ﻣﺮﺗﺒﺔ ﺇﻻ ﺑﺈﺣﺪﻯ ﺛﻼﺙٍ: ﺇﻣﺎ ﲟﺸﻘﺔٍ ﺗﻨﺎﻟﻪ ﰲ ﻧﻔﺴﻪ، ﻭﺇﻣﺎ ﺑﻮﺿﻌﻴﺔٍ ﰲ ﻣﺎﻟﻪ 10 ﻛﻠﻴﻠﺔ ﻭﺩﻣﻨﺔ-ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻤﻘﻔﻊ
ﺃﻭ ﻭﻛﺲٍ ﰲ ﺩﻳﻨﻪ . ﻭﻣﻦ ﱂ ﻳﺮﻛﺐ ﺍﻷﻫﻮﺍﻝ ﱂ ﻳﻨﻞ ﺍﻟﺮﻏﺎﺋﺐ. ﻭﺇﻥ ﺍﳌﻠﻚ ﺩﺑﺸﻠﻴﻢ ﻗﺪ ﺑﺴﻂ ﻟﺴﺎﱐ ﰲ ﺃﻥ
ﺃﺿﻊ ﻛﺘﺎﺑﺎﹰ ﻓﻴﻪ ﺿﺮﻭﺏ ﺍﳊﻜﻤﺔ. ﻓﻠﻴﻀﻊ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻜﻢ ﺷﻴﺌﺎﹰ ﰲ ﺃﻱ ﻓﻦ ﺷﺎﺀ؛ ﻭﻟﻴﻌﺮﺿﻪ ﻋﻠﻲ ﻷﻧﻈﺮ ﻣﻘﺪﺍﺭ
ﻋﻘﻠﻪ، ﻭﺃﻳﻦ ﺑﻠﻎ ﻣﻦ ﺍﳊﻜﻤﺔ ﻓﻬﻤﻪ. ﻗﺎﻟﻮﺍ: ﺃﻳﻬﺎ ﺍﳊﻜﻴﻢ ﺍﻟﻔﺎﺿﻞ، ﻭﺍﻟﻠﺒﻴﺐ ﺍﻟﻌﺎﻗﻞ، ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻭﻫﺐ ﻟﻚ ﻣﺎ
ﻣﻨﺤﻚ ﻣﻦ ﺍﳊﻜﻤﺔ ﻭﺍﻟﻌﻘﻞ ﻭﺍﻷﺩﺏ ﻭﺍﻟﻔﻀﻴﻠﺔ، ﻣﺎ ﺧﻄﺮ ﻫﺬﺍ ﺑﻘﻠﻮﺑﻨﺎ ﺳﺎﻋﺔﹰ ﻗﻂ. ﻭﺃﻧﺖ ﺭﺋﻴﺴﻨﺎ ﻭﻓﺎﺿﻠﻨﺎ،
ﻭﺑﻚ ﺷﺮﻓﻨﺎ، ﻭﻋﻠﻰ ﻳﺪﻙ ﺍﻧﺘﻌﺎﺷﻨﺎ. ﻭﻟﻜﻦ ﺳﻨﺠﻬﺪ ﺃﻧﻔﺴﻨﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﺃﻣﺮﺕ. ﻭﻣﻜﺚ ﺍﳌﻠﻚ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺣﺴﻦ
ﺍﻟﺴﲑﺓ ﺯﻣﺎﻧﺎﹰ ﻳﺘﻮﱃ ﺫﻟﻚ ﻟﻪ ﺑﻴﺪﺑﺎ ﻭﻳﻘﻮﻡ ﺑﻪ.

ﰒ ﺇﻥ ﺍﳌﻠﻚ ﺩﺑﺸﻠﻴﻢ ﳌﺎ ﺍﺳﺘﻘﺮ ﻟﻪ ﺍﳌﻠﻚ، ﻭﺳﻘﻂ ﻋﻨﻪ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﰲ ﺃﻣﻮﺭ ﺍﻷﻋﺪﺍﺀ ﲟﺎ ﻗﺪ ﻛﻔﺎﻩ ﺫﻟﻚ ﺑﻴﺪﺑﺎ، ﺻﺮﻑ
ﳘﺘﻪ ﺇﱃ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﰲ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﱵ ﻭﺿﻌﺘﻬﺎ ﻓﻼﺳﻔﺔ ﺍﳍﻨﺪ ﻵﺑﺎﺋﻪ ﻭﺃﺟﺪﺍﺩﻩ؛ ﻓﻮﻗﻊ ﰲ ﻧﻔﺴﻪ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻪ ﺃﻳﻀﺎﹰ
ﻛﺘﺎﺏ ﻣﺸﺮﻭﺡ ﻳﻨﺴﺐ ﺇﻟﻴﻪ ﻭﺗﺬﻛﺮ ﻓﻴﻪ ﺃﻳﺎﻣﻪ ﻛﻤﺎ ﺫﻛﺮ ﺁﺑﺎﺅﻩ ﻭﺃﺟﺪﺍﺩﻩ ﻣﻦ ﻗﺒﻠﻪ. ﻓﻠﻤﺎ ﻋﺰﻡ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ، ﻋﻠﻢ
ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﻘﻮﻡ ﺫﻟﻚ ﺇﻻ ﺑﺒﻴﺪﺑﺎ: ﻓﺪﻋﺎﻩ ﻭﺧﻼ ﺑﻪ؛ ﻭﻗﺎﻝ ﻟﻪ: ﻳﺎ ﺑﻴﺪﺑﺎ، ﺇﻧﻚ ﺣﻜﻴﻢ ﺍﳍﻨﺪ ﻭﻓﻴﻠﺴﻮﻓﻬﺎ. ﻭﺇﱐ ﻓﻜﺮﺕ
ﻭﻧﻈﺮﺕ ﰲ ﺧﺰﺍﺋﻦ ﺍﳊﻜﻤﺔ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻠﻤﻠﻮﻙ ﻗﺒﻠﻲ؛ ﻓﻠﻢ ﺃﺭ ﻓﻴﻬﻢ ﺃﺣﺪﺍﹰ ﺇﻻ ﻭﺿﻊ ﻛﺘﺎﺑﺎﹰ ﻳﺬﻛﺮ ﻓﻴﻪ ﺃﻳﺎﻣﻪ
ﻭﺳﲑﺗﻪ، ﻭﻳﻨﺒﺊ ﻋﻦ ﺃﺩﺑﻪ ﻭﺃﻫﻞ ﳑﻠﻜﺘﻪ؛ ﻓﻤﻨﻪ ﻣﺎ ﻭﺿﻌﺘﻪ ﺍﳌﻠﻮﻙ ﻷﻧﻔﺴﻬﺎ، ﻭﺫﻟﻚ ﻟﻔﻀﻞ ﺣﻜﻤﺔٍ ﻓﻴﻬﺎ؛ ﻭﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ
ﻭﺿﻌﺘﻪ ﺣﻜﻤﺎﺅﻫﺎ. ﻭﺃﺧﺎﻑ ﺃﻥ ﻳﻠﺤﻘﲏ ﻣﺎ ﳊﻖ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﳑﺎ ﻻ ﺣﻴﻠﺔ ﱄ ﻓﻴﻪ، ﻭﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﰲ ﺧﺰﺍﺋﲏ ﻛﺘﺎﺏ
ﺃﺫﻛﺮ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺑﻌﺪﻱ، ﻭﺃﻧﺴﺐ ﺇﻟﻴﻪ ﻛﻤﺎ ﺫﻛﺮ ﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﻗﺒﻠﻲ ﺑﻜﺘﺒﻬﻢ. ﻭﻗﺪ ﺃﺣﺒﺒﺖ ﺃﻥ ﺗﻀﻊ ﱄ ﻛﺘﺎﺑﺎﹰ ﺑﻠﻴﻐﺎﹰ
ﺗﺴﺘﻔﺮﻍ ﻓﻴﻪ ﻋﻘﻠﻚ ﻳﻜﻮﻥ ﻇﺎﻫﺮﻩ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻭﺗﺄﺩﻳﺒﻬﺎ، ﻭﺑﺎﻃﻨﻪ ﺃﺧﻼﻕ ﺍﳌﻠﻮﻙ ﻭﺳﻴﺎﺳﺘﻬﺎ ﻟﻠﺮﻋﻴﺔ ﻋﻠﻰ
ﻃﺎﻋﺔ ﺍﳌﻠﻚ ﻭﺧﺪﻣﺘﻪ؛ ﻓﻴﺴﻘﻂ ﺑﺬﻟﻚ ﻋﲏ ﻭﻋﻨﻬﻢ ﻛﺜﲑ ﳑﺎ ﳓﺘﺎﺝ ﺇﻟﻴﻪ ﰲ ﻣﻌﺎﻧﺎﺓ ﺍﳌﻠﻚ. ﻭﺃﺭﻳﺪ ﺃﻥ ﻳﺒﻘﻰ ﱄ
ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻣﻦ ﺑﻌﺪﻱ ﺫﻛﺮﺍﹰ ﻋﻠﻰ ﻏﺎﺑﺮ ﺍﻟﺪﻫﻮﺭ. ﻓﻠﻤﺎ ﲰﻊ ﺑﻴﺪﺑﺎ ﻛﻼﻣﻪ ﺧﺮ ﻟﻪ ﺳﺎﺟﺪﺍﹰ، ﻭﺭﻓﻊ ﺭﺃﺳﻪ ﻭﻗﺎﻝ:
ﺃﻳﻬﺎ ﺍﳌﻠﻚ ﺍﻟﺴﻌﻴﺪ ﺟﺪﻩ، ﻋﻼ ﳒﻤﻚ، ﻭﻏﺎﺏ ﳓﺴﻚ، ﻭﺩﺍﻣﺖ ﺃﻳﺎﻣﻚ؛ ﺇﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺪ ﻃﺒﻊ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﳌﻠﻚ ﻣﻦ
ﺟﻮﺩﺓ ﺍﻟﻘﺮﳛﺔ ﻭﻭﻓﻮﺭ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺣﺮﻛﻪ ﻟﻌﺎﱄ ﺍﻷﻣﻮﺭ؛ ﻭﲰﺖ ﺑﻪ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﳘﺘﻪ ﺇﱃ ﺃﺷﺮﻑ ﺍﳌﺮﺍﺗﺐ ﻣﱰﻟﺔﹰ، ﻭﺃﺑﻌﺪﻫﺎ
ﻏﺎﻳﺔﹰ؛ ﻭﺃﺩﺍﻡ ﺍﷲ ﺳﻌﺎﺩﺓ ﺍﳌﻠﻚ ﻭﺃﻋﺎﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻋﺰﻡ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ، ﻭﺃﻋﺎﻧﲏ ﻋﻠﻰ ﺑﻠﻮﻍ ﻣﺮﺍﺩﻩ. ﻓﻠﻴﺄﻣﺮ ﺍﳌﻠﻚ ﲟﺎ ﺷﺎﺀ
ﻣﻦ ﺫﻟﻚ: ﻓﺈﻥ ﺻﺎﺋﺮ ﺇﱃ ﻏﺮﺿﻪ، ﳎﺘﻬﺪﺍﹲ ﻓﻴﻪ ﺑﺮﺃﻳﻲ. ﻗﺎﻝ ﻟﻪ ﺍﳌﻠﻚ: ﻳﺎ ﺑﻴﺪﺑﺎ ﱂ ﺗﺰﻝ ﻣﻮﺻﻮﻓﺎﹰ ﲝﺴﻦ ﺍﻟﺮﺃﻱ
ﻭﻃﺎﻋﺔ ﺍﳌﻠﻮﻙ ﰲ ﺃﻣﻮﺭﻫﻢ. ﻭﻗﺪ ﺍﺧﺘﱪﺕ ﻣﻨﻚ ﺫﻟﻚ، ﻭﺍﺧﺘﺮﺕ ﺃﻥ ﺗﻀﻊ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ، ﻭﺗﻌﻤﻞ ﻓﻴﻪ ﻓﻜﺮﻙ،
ﻭﲡﻬﺪ ﻓﻴﻪ ﻧﻔﺴﻚ، ﺑﻐﺎﻳﺔ ﻣﺎ ﲡﺪ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﺴﺒﻴﻞ. ﻭﻟﻴﻜﻦ ﻣﺸﺘﻤﻼﹰ ﻋﻠﻰ ﺍﳉﺪ ﻭﺍﳍﺰﻝ ﻭﺍﻟﻠﻬﻮ ﻭﺍﳊﻜﻤﺔ ﻭﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ.
ﻓﻜﻔﺮ ﻟﻪ ﺑﻴﺪﺑﺎ ﻭﺳﺠﺪ، ﻭﻗﺎﻝ: ﻗﺪ ﺃﺟﺒﺖ ﺍﳌﻠﻚ ﺃﺩﺍﻡ ﺍﷲ ﺃﻳﺎﻣﻪ ﺇﱃ ﻣﺎ ﺃﻣﺮﱐ ﺑﻪ، ﻭﺟﻌﻠﺖ ﺑﻴﲏ ﻭﺑﻴﻨﻪ ﺃﺟﻼﹰ.
ﻗﺎﻝ: ﻭﻛﻢ ﻫﻮ ﺍﻷﺟﻞ؟ ﻗﺎﻝ: ﺳﻨﺔﹲ. ﻗﺎﻝ: ﻗﺪ ﺃﺟﻠﺘﻚ؛ ﻭﺃﻣﺮ ﻟﻪ ﲜﺎﺋﺰﺓٍ ﺳﻨﻴﺔٍ ﺗﻌﻴﻨﻪ ﻋﻠﻰ ﻋﻤﻞ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻓﺒﻘﻰ
ﺑﻴﺪﺑﺎ ﻣﻔﻜﺮﺍﹰ ﰲ ﺍﻷﺧﺬ ﻓﻴﻪ، ﻭﰲ ﺃﻱ ﺻﻮﺭﺓٍ ﻳﺒﺘﺪﻱ ﺎ ﻓﻴﻪ ﻭﰲ ﻭﺿﻌﻪ. 11 ﻛﻠﻴﻠﺔ ﻭﺩﻣﻨﺔ-ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻤﻘﻔﻊ

ﰒ ﺇﻥ ﺑﻴﺪﺑﺎ ﲨﻊ ﺗﻼﻣﻴﺬﻩ ﻭﻗﺎﻝ ﳍﻢ: ﺇﻥ ﺍﳌﻠﻚ ﻗﺪ ﻧﺪﺑﲏ ﻷﻣﺮ ﻓﻴﻪ ﻓﺨﺮﻱ ﻭﻓﺨﺮﻛﻢ ﻭﻓﺨﺮ ﺑﻼﺩﻛﻢ، ﻭﻗﺪ
ﲨﻌﺘﻜﻢ ﳍﺬﺍ ﺍﻷﻣﺮ. ﰒ ﻭﺻﻒ ﳍﻢ ﻣﺎ ﺳﺄﻝ ﺍﳌﻠﻚ ﻣﻦ ﺃﻣﺮ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ، ﻭﺍﻟﻐﺮﺽ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺼﺪ ﻓﻴﻪ، ﻓﻠﻢ ﻳﻘﻊ ﳍﻢ
ﺍﻟﻔﻜﺮ ﻓﻴﻪ ﻓﻠﻤﺎ ﱂ ﳚﺪ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﻣﺎ ﻳﺮﻳﺪﻩ ﻓﻜﺮ ﺑﻔﻀﻞ ﺣﻜﻤﺘﻪ، ﻭﻋﻠﻢ ﺃﻥ ﺫﻟﻚ ﺃﻣﺮ ﺇﳕﺎ ﻳﺘﻢ ﺑﺎﺳﺘﻔﺮﺍﻍ ﺍﻟﻌﻘﻞ
ﻭﺇﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻔﻜﺮ؛ ﻭﻗﺎﻝ: ﺃﺭﻯ ﺍﻟﺴﻔﻴﻨﺔ ﻻ ﲡﺮﻱ ﰲ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﺇﻻ ﺑﺎﳌﻼﺣﲔ: ﻷﻢ ﻳﻌﺪﻟﻮﺎ؛ ﻭﺇﳕﺎ ﺗﺴﻠﻚ ﺍﻟﻠﺠﺔ
ﲟﺪﺑﺮﻫﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻔﺮﺩ ﺑﺈﻣﺮﺎ ؛ ﻭﻣﱴ ﺷﺤﻨﺖ ﺑﺎﻟﺮﻛﺎﺏ ﺍﻟﻜﺜﲑﻳﻦ ﻭﻛﺜﺮ ﻣﻼﺣﻮﻫﺎ ﱂ ﻳﺆﻣﻦ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﺮﻕ. ﻭﱂ
ﻳﺰﻝ ﻳﻔﻜﺮ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻌﻤﻠﻪ ﰲ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺣﱴ ﻭﺿﻌﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﻧﻔﺮﺍﺩ ﺑﻨﻔﺴﻪ، ﻣﻊ ﺭﺟﻞٍ ﻣﻦ ﺗﻼﻣﻴﺬﻩ ﻛﺎﻥ ﻳﺜﻖ ﺑﻪ؛
ﻓﺨﻼ ﺑﻪ ﻣﻨﻔﺮﺩﺍﹰ ﻣﻌﻪ، ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺃﻋﺪ ﺍﻟﻮﺭﻕ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻜﺘﺐ ﻓﻴﻪ ﺍﳍﻨﺪ ﺷﻴﺌﺎﹰ، ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻘﻮﺕ ﻣﺎ ﻳﻘﻮﻡ ﺑﻪ
ﻭﺑﺘﻠﻤﻴﺬﻩ ﺗﻠﻚ ﺍﳌﺪﺓ. ﻭﺟﻠﺴﺎ ﰲ ﻣﻘﺼﻮﺭﺓٍ، ﻭﺭﺩﺍ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﰒ ﺑﺪﺃ ﰲ ﻧﻈﻢ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﺗﺼﻨﻴﻔﻪ؛ ﻭﱂ ﻳﺰﻝ
ﻫﻮ ﳝﻠﻲ ﻭﺗﻠﻤﻴﺬﻩ ﻳﻜﺘﺐ، ﻭﻳﺮﺟﻊ ﻫﻮ ﻓﻴﻪ؛ ﺣﱴ ﺍﺳﺘﻘﺮ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻋﻠﻰ ﻏﺎﻳﺔ ﺍﻹﺗﻘﺎﻥ ﻭﺍﻹﺣﻜﺎﻡ. ﻭﺭﺗﺐ ﻓﻴﻪ
ﺃﺭﺑﻌﺔ ﻋﺸﺮ ﺑﺎﺑﺎﹰ؛ ﻛﻞ ﺑﺎﺏٍ ﻣﻨﻬﺎ ﻗﺎﺋﻢ ﺑﻨﻔﺴﻪ. ﻭﰲ ﻛﻞ ﺑﺎﺏ ﻣﺴﺄﻟﺔﹲ ﻭﺍﳉﻮﺍﺏ ﻋﻨﻬﺎ؛ ﻟﻴﻜﻮﻥ ﳌﻦ ﻧﻈﺮ ﻓﻴﻪ ﺣﻆﹲ
ﻣﻦ ﺍﳍﺪﺍﻳﺔ. ﻭﺿﻤﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻷﺑﻮﺍﺏ ﻛﺘﺎﺑﺎﹰ ﻭﺍﺣﺪﺍﹰ؛ ﻭﲰﺎﻩ ﻛﺘﺎﺏ ﻛﻠﻴﻠﺔ ﻭﺩﻣﻨﺔ. ﰒ ﺟﻌﻞ ﻛﻼﻣﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﻟﺴﻦ
ﺍﻟﺒﻬﺎﺋﻢ ﻭﺍﻟﺴﺒﺎﻉ ﻭﺍﻟﻄﲑ: ﻟﻴﻜﻮﻥ ﻇﺎﻫﺮﻩ ﳍﻮﺍﹰ ﻟﻠﺨﻮﺍﺹ ﻭﺍﻟﻌﻮﺍﻡ، ﻭﺑﺎﻃﻨﻪ ﺭﻳﺎﺿﺔﹰ ﻟﻌﻘﻮﻝ ﺍﳋﺎﺻﺔ. ﻭﺿﻤﻨﻪ ﺃﻳﻀﺎﹰ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
كتاب لقصص كليله ودمنه به قصص كثيره
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» قصص كثيره عن (((((((((((((((((الحب))))))))))))

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات gta العربي :: القصص و الروايات و النكت :: منتدى القصص و الروايات-
انتقل الى: